مقالات

مشروعية البيعة…

نص الشبهة: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم ومن يلوذ بكم بألف خير وعافية بمناسبة العيد الأكبر عيد الغدير المبارك مناسبة مبايعة المسلمين لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالولاية.

هناك سؤال طالما أحببت أن أسألكم عنه وله صلة بهذه المناسبة المباركة وهو:

ألف ـ ما هو المقصود من بيعة غير المعصوم المتداولة في هذا العصر؟

ب ـ هل هناك دليل شرعي على مشروعية مبايعة غير المعصوم المتداولة في هذا العصر؟

ج ـ مع الأخذ بعين الاعتبار وملاحظة أن صاحب كتاب مكيال المكارم اعتبر هكذا بيعة من البدع. الرجاء إعطاءنا وجهة نظركم المباركة في هذا الموضوع الحساس جداً.

ولكم الأجر والثواب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإنني أبارك لكم يوم الغدير الأغر، وأسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المتمسكين بولاية الإمام علي أمير المؤمنين سلام الله عليه وعلى النبي (صلى الله عليه وآله) والسيدة الزهراء (عليها السلام)، وعلى جميع الأئمة الميامين الطاهرين..
وأسأله تعالى أن يعيده عليكم بالنصر المؤزر على أعداء الله، وبفتح أبواب الرحمات الإلهية على جميع المسلمين المؤمنين، إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول..
أما فيما يرتبط بسؤالكم عن بيعة غير المعصوم، وعن الدليل على مشروعية مبايعته، مع ملاحظة اعتبار صاحب مكيال المكارم لها من البدع، فإنني أقول:
إن الحديث عن هذا الأمر مرتبط بالحديث عن الحاكمية في زمن الغيبة، وقد بحث العلماء حول هذا الموضوع، وساقوا العديد من الأدلة، اللُبيّة، واللفظية، من الآيات والروايات. وكانت محصلة ذلك كله: أن الفقيه الجامع للشرائط هو من يمكن أن يكون مأذوناً من قبل الشارع الحكيم بالتصدي لحفظ نظام الأمة، وتهيئة وسائل دفع الأسواء والأعداء عنها، وحفظ مصالحها، ولا يجوز لغيره التصدي لذلك..
ولكن بعض العلماء قد اعتقد: أن الأحاديث التي أمرت بالإلباد في الأرض إلى أن يظهر الإمام الحجة (عجل الله فرجه)، والتي تحدثت عن أن الرايات التي ترفع قبل قيام القائم هي رايات ضلالة ـ اعتقد أنها تنهى عن تصدي كل أحد للحكم وللحاكمية، وحفظ نظام الأمة..
ولكننا قد بينا بطلان هذا الأمر، وذكرنا هذه الأحاديث، وبينّا المراد منها، في إجابة لنا على سؤال آخر تجده في كتاب «مختصر مفيد ج3 ص159 ـ 184 بعنوان: رايات ما قبل الظهور».
فالصحيح هو ما ذهب إليه سائر علمائنا الأبرار، من أن الفقيه الجامع للشرائط، مأذون في التصدي للأمور النظامية، وحفظ أمن الناس، ودفع أعدائهم عنهم وما إلى ذلك..
وأما ما ذكره صاحب مكيال المكارم، فهو أمر آخر لا ربط له بهذا الموضوع، إذ إنه يقول: إن البيعة بمعنى المصافقة محرمة لغير المعصوم، أو من وكله المعصوم بأخذها.. سواء أكان الذي يريد أخذ هذه البيعة فقيهاً أم غير فقيه، وسواء قلنا: بأنه يجوز للفقيه أن يتولى الحكم في زمن الغيبة، أم قلنا بعدم جواز ذلك له.. وسواء أقلنا بأن ولاية الفقيه عامة أم خاصة..
فإنه في جميع الفروض لا يجوز عند صاحب مكيال المكارم أن يبايع له بطريقة المصافقة. أما سائر الطرق المظهرة للرضا بحكومته، فهو لم يتحدث عنها، وكذلك هو لم يتحدث عن أنه هل يحق للفقيه التصدي للحكم، أم لا يجوز له ذلك..
ومن الواضح: أن ما يتحدث عنه صاحب مكيال المكارم ليس محل الابتلاء في هذه الأيام، إذ ليس هناك من يطلب من الناس بيعة بطريقة المصافقة، علماً بأن ما استدل له على تحريم البيعة بهذه الطريقة موضع نقد شديد، ولا مجال لتأييده، والاعتماد عليه.
والحمد لله رب العالمين 1.

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الخامسة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (254).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى