روايات أهل البيت(ع)

الشبه بين هارون وأمير المؤمنين…

نص الشبهة: 

يزعم الشيعة أنّ عليّاً يستحقّ الخلافة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لحديث: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» ثمّ نجد أنّ هارون لم يخْلَف موسى (عليه السلام) بل خَلَفَه يوشع بن نون؟

الجواب: 

نعم، إنّ حديث المنزلة من مختصّات الإمام عليّ (عليه السلام)، حيث نُقل بعشرات الطرق في الصحيحين (البخاري ومسلم) وغيرهما من الكتب الأُخرى المعتبرة، وجامع الأسئلة يعترف بصحة الحديث كما هو ظاهر، إلاّ أنّه لم ينقله كاملاً، فعندما عزم النبيّ (صلى الله عليه وآله) الخروج إلى تبوك ترك عليّاً خليفةً له على المدينة، فأخذ المنافقون يشيعون أنّ العلاقة توترت بين النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعليّ (عليه السلام) ولذلك تركه في المدينة ولم يستصحبه معه، فلمّا سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) ذلك ذهب إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره بما يقول الناس، عندئذ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي» 1.

إنّ لهارون أربعة مقامات بنصّ القرآن الكريم

  1. شريك موسى في النبوّة لقوله تعالى: ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ 2.
  2. وزير موسى ومساعده ، لقوله تعالى: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴾ 3.
  3. العضد القويّ الذي يستند عليه موسى (عليه السلام) لقوله تعالى: ﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴾ 4.
  4. كان نائب موسى (عليهما السلام) في فترة غيابه، لقوله: ﴿ … وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي … ﴾ 5.

إذن، فأمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) له جميع مقامات هارون باستثناء النبوّة، فهو إذن خليفة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في غيابه سواءً أكان في حال حياته أم في حال مماته.
وجامع الأسئلة يسأل: إن كان هارون قد مات قبل موسى (عليه السلام) رغم حيازته لتلك المقامات الأربعة، ولم يخلف موسى بعد مماته فكيف يمكن لعليّ (عليه السلام) أن يكون خليفة للنبيّ (صلى الله عليه وآله) بعد مماته والحال أنّ «المشبّه به» يعني هارون لم يكن له ذلك التوفيق؟
وجوابنا هو أنّ الحديث يتضمن أمرين:
الأوّل: إنّ ما يتمتع به هارون من المقامات الواردة في الكتاب العزيز ثابت لعلي (عليه السلام) تماماً.
الثاني: انّ خلافة علي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تختص بأيام حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيبته عن المدينة بل تعم الأيام التي تعقب رحلته (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة قوله: «إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، فلو كانت خلافته مختصة بأيام حياته لما كان للاستثناء وجه.
وبذلك تبين أن تنزيل علي منزلة هارون إنّما هو في الأمر الأوّل أي ثبوت المقامات لا في الأمر الثاني فلا إشكال في تشبيه علي بهارون مع أنّ هارون توفّي في حياة موسى (عليه السلام)، لما عرفت من أنّ وجه التشبيه هو الأمر الأوّل فقط، لا الثاني وإلاّ لعاد قوله لا نبي بعدي أمراً لغواً.
وفي النهاية نسأل الوهابيّين: لو كان هذا الحديث قد ورد في أحد الخلفاء الثلاثة، هل كان تعاملكم معه بهذه الكيفيّة؟! 6.

  • 1. صحيح مسلم: 7 / 20 ، باب فضائل عليّ بن أبي طالب، الحديث رقم 2404; البخاري، كتاب 24 الباب 4 الحديث 3706; المستدرك للحاكم: 3 / 133 .
  • 2. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 32، الصفحة: 313.
  • 3. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 29، الصفحة: 313.
  • 4. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 31، الصفحة: 313.
  • 5. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 142، الصفحة: 167.
  • 6. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته، السؤال 100.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى