مقالات

التسامح في العيد…

العيد في الشريعة الإسلامية هو مناسبة دينية واجتماعية فريدة ومتفردة، مناسبة دينية لتعلق بعض الأحكام الدينية بها، فالصيام يمنع ويحرم فيها، ويستحب إقامة الصلاة الخاصة بها جماعة جامعة، ويجب دفع زكاة الفطر في عيد الفطر، وتقديم الأضحية للحاج في عيد الأضحى.
ومناسبة اجتماعية للتلاقي والتعارف والتراحم، إذ يخرج الناس في هذه المناسبة من بيوتهم ليلتقون مع الآخرين من الأقرباء والجيران وغيرهم، ويتبادلوا التهاني والتبريكات بأحسن وأجمل الكلمات والعبارات، ويتناولوا أشهى وأطيب الأطعمة والمأكولات، في مشهد يتجلى بأروع صور البهجة والسرور.
في هذه المناسبة، المتخاصمون يصفحون عن بعضهم بعضاً، والمتنازعون يعفون عن بعضهم بعضاً، والمتباعدون يعتذرون لبعضهم بعضاً، عن طيب خاطر وتقبل وإقبال، وذلك لأن في العيد تتغير النفوس عادة، وتكون أكثر قابلية واستعداداً للصفح والعفو، وتقبل العذر والاعتذار عن الأخطاء والإساءات من الصغير والكبير، ومن القريب والبعيد، وهذا ما حدث ويحدث غالباً في مجتمعات المسلمين.
ومن هذه الجهة، يعد العيد من أفضل المناسبات الدينية والاجتماعية التي يتجلى فيها روح التواصل والتراحم والتسامح والتكافل والتضامن بين الناس، وبطريقة تتسم بالجدية والجمالية، فالناس في هذه المناسبة يظهرون عادة بغير الصورة التي كانوا عليها في سابق الأيام، ليس من جهة المظهر والملبس فحسب، وإنما من جهة منطوق الكلام والحديث، ومن جهة الفعل والسلوك أيضاً.
ولا شك في أن هذه الملامح والتجليات الفريدة والمتفردة، لا تنفصل وطبيعة المناسبات الدينية التي تسبقها زمناً، وتتصل بها تباعاً، كشهر رمضان بالنسبة لعيد الفطر، والحج بالنسبة لعيد الأضحى.
فشهر رمضان وما له من قدسية وحرمة وفضل، وما فيه من صيام وعبادات ودعاء وتلاوة للقرآن الكريم، وتقرب إلى الله سبحانه، فإنه يغير النفوس ويهيؤها لمثل تلك الملامح والتجليات التي تظهر في العيد، وهكذا بالنسبة للحج وماله من قدسية وحرمة وفضل، وما فيه من مناسك وعبادات وتلاوة للقرآن، وتقرب إلى الله سبحانه، فإنه يغير النفوس ويهيؤها كذلك لمثل تلك الملامح والتجليات.
لهذا ينبغي أن نستفيد من هذه المناسبة الفريدة، في إشاعة أجواء الصفح والعفو والتراحم والتسامح والتكافل، وإصلاح ذات البين بين الناس1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ ـ الأربعاء / 31 أغسطس 2011م، العدد 16440.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى