الاسرة و المجتمعالتاريخ الإسلاميسادة القافلةسيرة أهل البيت (ع)مناسباتمنوعات

الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام – في سطور

النسب الأزكى
هو الإمام جعفر بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام عليّ زين العابدين بن الإمام الحسين السبط الشهيد بن الإمام عليّ أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وبهذا ، تكون جدّته : العلياء فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، ويكون جدّه الأعلى رسولَ الله الأكرم محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم.. ومن هنا عرّفه الذهبيّ بـ : العلَويّ الهاشميّ .

كُناه
الأشهر منها : أبو عبدالله ، إذا أُطلقت في الأحاديث انصَرَفَت إليه. وله كُنيتانِ هما : أبو إسماعيل ؛ نسبةً إلى ولده الأكبر ، وأبو موسى؛ نسبةً إلى ولده ووصيّه الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه.

ألقابه
أشهرها ( الصادق ) ، بهذا اللقب المبارك سمّاه جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ؛ لحكمة ذكرها قائلاً : إذا وُلِد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.. فسَمُّوه « الصادق » ؛ فإنّه سيكون في وُلده سَمِيٌّ له يَدّعي الإمامة بغير حقّها ويُسمّى كذّاباً .
أمّا ألقابه الأُخرى فهي : الصابر ، الفاضل ، الطاهر ، القائم ، الكامل ، الكافل ، المُنجي.

نقش خاتمه
« ما شاءَ الله ، لا قوّةَ إلاّ بالله ، أستغفرُ الله ».

منصبه الإلهيّ
هو الإمام السادس من أوصياء النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والمعصوم الثامن من أهل بيت الوحي والرسالة بعد النبي والصدّيقة الزهراء وآبائه الخمسة صلوات ربّنا تعالى عليهم.
أقام مع جَدّه وأبيه ( السجّاد والباقر ) عليهما السّلام اثنتَي عشرةَ سنة ، ومع أبيه بعد جدّه تسع عشرة سنة. ثمّ كانت إمامته بعد شهادة أبيه الباقر عليه السّلام في 7 من ذي الحجّة سنة 114 هجريّة إلى شهادته هو عليه السّلام سنة 148 هجريّة ، فاستغرقت أربعاً وثلاثين سنةً تقريباً.


أشهر الأقوال أنه صلوات الله عليه وُلد يوم الجمعة عند طلوع فجر السابع عشر من شهر ربيع الأوّل ـ وهو اليوم المبارك الذي وُلد فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ سنة 80 أو 83 هجريّة.. وذلك في المدينة ( المنوّرة ).

أوصافه الشريفة
كان سلام الله عليه رَبْعةً ليس بالطويل ولا بالقصير ، أبيضَ الوجه أزهَر كأنه السِّراج ، وعلى خدّه خالٌ أسوَد .

أُمّه
لابدّ أن تكون أُمّهات الأنبياء والأوصياء عليهم أفضل الصلاة والسّلام من النساء الصالحات الطاهرات النقيّات ، كيما يُؤهَّلْنَ لإنجاب حُجج الله على الناس.
وأُمّ الإمام الصادق عليه السّلام هي المرأة النجيبة الجليلة المكرّمة ، فاطمة المعروفة بـ « أُمّ فَروَة » بنت القاسم بن الشهيد محمّد بن أبي بكر.. كان أبوها القاسم مِن ثِقات أصحاب الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام ، ومِن قبله كان أبوه محمّد بن أبي بكر من خُلّص الأصحاب الأوفياء الموالين لأمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام.
أمّا هي رضوان الله عليها.. فكانت مِن الصالحات القانتات ، ومِن أتقى نساء أهل زمانها ، أو كما وصفها ابنها الإمام جعفر الصادق عليه السّلام قائلاً : كانت أُمّي مِمّن آمَنَت ، واتَّقت وأحسَنت ، واللهُ يحبّ المحسنين. أو كما عبّر عنها ابن خَرَّبوذ ـ وهو من فقهاء العامّة ـ مسمّياً الإمام الصادق عليه السّلام بـ « ابن المُكرَّمة ».
ولا غَرو في ذلك ، وهي التي كانت زوجة للإمام الباقر عليه السّلام تَنهَلُ من مَعينه السماويّ الأسمى ، وأُمّاً للإمام الصادق عليه السّلام ترشف من رحيق إمامته المُثلى. وأمّا أبو زوجها فالإمام السجّاد عليه السّلام ، وقد عاشت مدّةً في كَنفه ، ونَعمت ببركاته.

إخوته وأخواته
قيل : هم ستّة : ـ عبدالله بن محمّد الباقر عليه السّلام وأُمّه أُمّ فَروَة. وإبراهيم وعُبيد الله وأُمّهما أُمّ حكيم بنت أُسيد بن المُغيرة الثقفيّة. وعليّ وزينب وأُمّ سَلَمة.

نساؤه
أشهر زوجاته : حميدة ( المُصَفّاة ) بنت صاعد المغربي ، وفاطمة بنت الحسين بن الإمام عليّ زين العابدين بن الإمام الحسين بن أمير المؤمنين عليّ عليهم السّلام.

ذُكِر له ـ على إجماعٍ ـ عشرةُ أبناء :
1 ـ إسماعيل. 2 ـ عبدالله. 3 ـ أُمّ فروة.. أُمُّهم فاطمة بنت الحسين بن عليّ زين العابدين عليه السّلام. 4 ـ الإمام موسى الكاظم عليه السّلام. 5 ـ إسحاق. 6 ـ فاطمة. 7 ـ محمّد.. أُمّهم حميدة المصفّاة. 8 ـ العبّاس. 9 ـ عليّ. 10 ـ أسماء.. من نساء شتّى.
قال الشيخ المفيد : وكان إسماعيل أكبرَ الإخوة ، وكان أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام شديد المحبّة له والبِرِّ به والإشفاق عليه ، وكان قوم من الشيعة يظنّون أنّه القائم بعد أبيه والخليفة له مِن بعده؛ إذ كان أكبر إخوته سِنّاً ولميل أبيه إليه وإكرامه له ، فمات في حياة أبيه عليه السّلام بـ « العُرَيض » وحُمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتّى دُفن بالبقيع.
ورُوي أنّ أبا عبدالله عليه السّلام حَزَن عليه حُزناً عظيماً وتقدّم سريرَه (أي : تابوته).. وأمرَ بوضعِ سريره على الأرض قبل دفنه مِراراً كثيرة ، وكان يَكشِف عن وجهه وينظر إليه؛ يُريد بذلك تحقيقَ وفاته عند الظانّين خلافتَه له مِن بعده ، وإزالة الشبهة عنهم في حياته.
ولمّا مات إسماعيل رحمه الله انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه مَن كان يظنّ ذلك فيعتقده من أصحاب أبيه… وفريقٌ ثَبتوا على حياة إسماعيل… يُسمّى بـ « الإسماعيليّة »…
وكان عليّ بن جعفر رضي الله عنه راويةً للحديث ، سديد الطريق شديد الورع ، كثير الفضل ، لَزِم أخاه موسى عليه السّلام وروى عنه شيئاً كثيراً من الأخبار.
وكان موسى بن جعفر عليهما السّلام أجَلَّ وُلد أبي عبدالله عليه السّلام قدراً ، وأعظمَهم محلاًّ ، وأبعدَهم في الناس صيتاً. ولم يُر في زمانه أسخى منه ولا أكرم نَفْساً وعِشرة ، وكان أعبدَ أهل زمانه ، وأورعهم وأجلّهم وأفقههم. وقد اجتمع جمهور شيعة أبيه على القول بإمامته والتعظيم لحقّه والتسليم لأمره.
وروَوا عن أبيه ( الصادق ) عليه السّلام نصوصاً كثيرة عليه بالإمامة وإشارات إليه بالخلافة ، وأخذوا عنه معالم دينهم ، وروَوا عنه من الآيات والمعجزات ما يُقطع بها على حجّيّة وصواب القول بإمامته .

أصحابه ورواته
قال الشيخ الطبرسيّ : كان ( الإمام الصادق علي السّلام ) أعلم أولاد رسول الله صلّى الله عليه وآله في زمانه بالاتّفاق ، وأنبَههُم ذِكراً ، وأعلاهم قَدْراً ، وأعظمَهم مقاماً عند العامّة والخاصّة ، ولم يُنقَل عن أحد من سائر العلوم ما نُقل عنه ، وإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في المقالات والديانات.. فكانوا أربعة آلاف رجل .
نعم ، روى عنه عدّة من التابعين ، واستفاد من علمه جماعةٌ من الأعلام ، ونقل عنه الأكابر.. من السّنة والشيعة ، ومن الرجال والنساء ، إلاّ أنّ أخصّ أصحابه هم :
جميل بن دَرّاج ، وعبدالله بن بُكير ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن تَغلِب ، وإسحاق بن عمّار الصَّيرفيّ ، وأبو حمزة الثُّماليّ ، وبُريد بن معاوية العِجليّ ، وزُرارة بن أعيَن ، وعبدالله بن أبي يَعفور ، وحُرَيز بن عبدالله ، وحُمران بن أعيَن ، وفُضيل بن يَسار ، وأبو بصير المُراديّ ، والمُعلّى بن خُنَيس ، ومحمد بن مسلم الثقفيّ ، ومؤمن الطاق محمّد بن عليّ ، والمفضّل بن عمر ، وجابر بن يزيد الجُعفيّ ، ويونُس بن ضبيان ، ومعاوية بن عمّار.. وآخرون.
وقد ضمّت مدرسته العلميّة آلافاً ، كان أشهرَهم : أبو عمرو بن العلاء ، ومالك بن أنس ، وسُفيان الثوريّ ، وابن جُرَيح ، ومسلم بن الحجّاج ، وأبو حنيفة.. وآخرون.

شعراؤه
السيّد إسماعيل الحِمْيرَيّ ، أشجَع السُّلَميّ ، الكُمَيت بن زيد الأسديّ ، أبو هُريرة الأبّار العِجليّ ، جعفر بن عثمان ، سفيان بن مُصعب العَبديّ.

بوّابه
المفضَّل بن عمر.

عاصر الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه حكومتين ، فشهد نهاية الحكومة الأُمويّة وتلاشيها ، وبداية الحكومة العبّاسيّة واستحكام سيطرتها. وكان حكّام زمانه هم :
أ ـ من بني أُميّة :
1. عبدالملك بن مروان ( 65 ـ 86 هجريّة ).
2. الوليد بن عبدالملك ( 86 ـ 96 هجريّة ).
3. سليمان بن عبدالملك ( 96 ـ 99 هجريّة ).
4. عمر بن عبدالعزيز ( 99 ـ 101 هجريّة ).
5. يزيد بن عبدالملك ( 101 ـ 105 هجريّة ).
6. هشام بن عبدالملك ( 105 ـ 125 هجريّة ) ، وهو الذي دسّ السمّ للإمام الباقر عليه السّلام.. قيل : بواسطة إبراهيم بن الوليد. فكان أن بدأت إمامة الصادق عليه السّلام في بقية مُلك هشام.
7. الوليد بن يزيد بن عبدالملك ( 125 ـ 126 هجريّة ).
8. يزيد بن الوليد بن عبدالملك ، الملقّب بـ « الناقص » ( 126 ـ 126 هجريّة ).
9. إبراهيم بن الوليد.
10. وأخيراً : مروان بن محمد ، الملقّب بـ « مروان الحمار » (126 ـ 132 هجريّة).
وهؤلاء العشرة كلّهم من آل مروان بن الحكم ، نهجوا على نهج أبيهم في معاداة أهل البيت النبويّ حبساً وقتلاً وتشريداً.
ثمّ صارت المسوّدة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة 132 هجريّة ، فتسلّق العبّاسيون قصر الإمارة والحكم.
ب ـ من بني العبّاس :
1. عبدالله بن محمّد بن عليّ بن عبدالله بن العبّاس بن عبدالمطّلب ، الملقَّب بـ « أبي العباس السفّاح » ( 132 ـ 136 هجريّة ).
2. ثمّ ملك أخو السفّاح : عبدالله أبو جعفر المنصور الدَّوانيقيّ (136 ـ 158 هجريّة).
وقد جمع هذا إلى حقده على أئمّة أهل البيت عليهم السّلام كثرة الشك والريبة على حكمه من الآخرين ، إضافةً إلى ولعه بالدماء ، لا سيّما الدماء العلَويّة.

عاش الإمام الصادق صلوات الله عليه مرحلة عصيبة من حياة الأُمّة الإسلاميّة ، عكست آثارها عليه وعلى أهل بيته والعلويّين ، وعلى أصحابه وخاصّته المخلصين الموالين له ولآل الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم. وكان من أهمّ الوقائع التي مرّت عليه :
• شهادة والده الإمام محمّد الباقر سلام الله عليه سنة 114 هجريّة ، فتحمّل ـ بعد فاجعته تلك ـ أعباء الإمامة ومسؤولياتها العظمى.
• شهد الإمام الصادق عليه السّلام ثوراتٍ ونهضات علويّةً عديدةً هنا وهناك ، وكان من أهمّها نهضة عمّه الشهيد زيد بن عليّ عليهما السّلام سنة 121 هجريّة ، وثورات آل الإمام الحسن عليه السّلام في عصر حكم المنصور.
• عاصر الإمام الصادق عليه السّلام مرحلة الصراع الأُمويّ ـ العبّاسيّ ، التي انتهت لصالح بني العبّاس واستلامهم السلطة. وقد استثمر سلام الله عليه تلك الظروف التي شُغل بها المتكالبون على الحكم.. فاهتمّ بتوعية المسلمين ونشر معارف الدين وشرائع الإسلام ، ووسع أبعاد المدرسة العلميّة لأبيه الإمام الباقر عليه السّلام.
وكان من جهاده العلميّ أن ظهرت له مساهمات مباركة ، منها : اتخاذه الجامع النبويّ الشريف معهداً بثّ فيه العلوم الإسلاميّة. وقد وفدت عليه وفود المتعلمين من أرجاء البلاد ، قال الأُستاذ سيّد الأهل : وأرسَلَت الكوفة والبصرة وواسط والحجاز إلى جعفر بن محمّد أفلاذَ أكبادها ، ومِن كلّ قبيلة ، ورحل إليه جمهور الأحرار وأبناء المَوالي من أعيان هذه الأُمّة من العرب وفارس .
وقد استطاع الإمام عليه أفضل الصلاة والسّلام أن يُحصّن الأُمة يومها من تيّارات الأفكار الغريبة والهجينة ، وأن يُفنّد دعوات التضليل والتشكيك ، ويُفشِل الفرق التحريفيّة التي ظهرت في عصره.
• بعد أن تمكّن العبّاسيّون باسم الدعوة المُدّعاة لأهل البيت النبويّ من إحكام السيطرة على الأوضاع السياسيّة والاجتماعية.. بدأوا تحرّكهم ضد أولاد رسول الله صلّى الله عليه وآله؛ خشيةً منهم على أنفسهم وسلطانهم. فشدّدوا رقابتهم ، وأعملوا ضغوطاتهم ، وأخذوا يمارسون سياسة التهديد والتنكيل والإيذاء.
وكان من جملة الإجراءات التي أقدمت عليها السلطة العباسية استدعاء الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه من مدينة جدّة المصطفى صلّى الله عليه وآله إلى بغداد؛ لقطع دروسه التي كان يلقيها على آلالاف من طلبته ورواته ووفّاده ، ولفرض الرقابة الكاملة على داره التي أمست له كالسجن ، لكونها محلاًّ لإقامته الجبريّة ، ولقطع الصلة بينه وبين مُريديه وأصحابه والموالين له ولآل النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وبدأ أبو العبّاس السفّاح باستدعائه حَسماً للوساوس التي هيمنت على مخيلته وقلبه من أن القاعدة الشعبيّة للإمام ستتّسع ، وبذلك ستكون مهدّدة للنظام الجديد. ثمّ أشخصه المنصور العبّاسيّ إلى العراق مرّات متعدّدة ، وفي كلّ مرّة يتّهمه ويتهدّده ويذكر له أخبار الوشاة والمغرضين من أنّ الإمام الصادق عليه السّلام يعدّ العدّة للنهوض بثورة في وجه العبّاسيّين.. هذا ، إضافةً إلى ما كان يصدر من المنصور من أساليب توهينيّة وأخلاق سيّئة في محادثته وتعامله مع الإمام الصادق عليه السّلام.
وقد همّ المنصور بقتله مرّات ، إلاّ أنّ الله تعالى صرفه ، حتّى بلغ القضاء الإلهيّ مبلغه.


قال السيّد عليّ بن طاووس : إنّ مِن العجَب أن يبلغ طلب الدنيا بالعبد.. في الإقدام على قتل مولانا الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه بعد تكرار الآيات الباهرات ، حتّى يكرّر [ المنصور ] إحضارَه للقتل سَبعَ دفعات [ أو تسع مرّات ]… تارةً يأمر رزّام بن مسلم مولى أبي خالد أن يقتل الإمام وهو سلام الله عليه في الحِيرة ، وتارة يأمر باغتياله مع ابنه موسى بن جعفر ، حيث قال قيس بن ربيع : حدثني أبي الربيعُ قال : دعاني المنصور يوماً قال : أما ترى ذلك الذي يبلغني عن هذا الحُسَينيّ ؟! قلت : ومَن هو يا سيّدي ؟! قال : جعفر بن محمّد ، واللهِ لأستأصِلَنّ شَأفَتَه. ثمّ دعا بقائدٍ من قُوّاده فقال : انطَلِقْ إلى المدينة في ألف رجلٍ فاهجمْ على جعفر بن محمّد وخُذ رأسَه ورأسَ ابنهِ موسى في مَسيرِك .
وتارة يأمر بإحراق بيته ، وقد فعلوا. ثمّ لم يقنع بهذه الأفعال الشنيعة حتّى شَرِك في دمه وقَتلَه مسموماً بالعنب. فاستُشهد سلام الله عليه يوم الاثنين في الخامس والعشرين من شهر شوّال سنة 148 هجريّة ، وله من العمر 68 سنة ـ أو 65 سنة ـ متأثّراً بذلك السم الحادّ الذي دسّه إليه أبوجعفر المنصور الدوانيقي على يد عامله على المدينة محمّد بن سليمان.

مدفنه
قال المسعوديّ : ودُفن عليه السّلام بالبقيع مع أبيه [ الباقر عليه السّلام ] وجدِّه [ السجاد عليّ بن الحسين عليهما السّلام ] ، وقيل أنّه سُمّ. وعلى قبورهم في هذا الموضع من البقيع رُخامة مكتوب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله مُبيدِ الأُمم ، ومُحيي الرِّمم ، هذا قبرُ فاطمة بنتِ رسول الله صلّى الله عليه وآله سيّدة نساء العالمين ، وقبر الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، وعليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد رضي الله عنهم .
وربّما المقصود بـ ( فاطمة ) في الخبر هذا هي فاطمة بنت أسد رضوان الله تعالى عليها أُمّ أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام.
وقد رُوي عن عيسى بن داب قال : لمّا حُمِل أبو عبدالله جعفر بن محمّد عليهما السّلام على سريره ( أي : تابوته ) وأُخرج إلى البقيع ليُدفن ، قال أبو هريرة الأبّار العِجليّ :

أقـولُ وقـد راحوا بـه يَحمِلونَهُ أتَدرونَ ماذا تَحمِلونَ إلـى الثَّرى غداة حثا الحاثون فوقَ ضـريحهعلى كاهِلٍ مـن حـامِليهِ وعاتق ثَبيراً ثَوى مِن رأسِ علَياءَ شاهِق تُراباً.. وأولى كان فوق المَفارِقِ


ثبير : اسم جبل. المفارق : جمع لمفرق الرأس) (9).
وكان للإمام الصادق عليه السّلام قبر إلى جانب قبور آبائه وأجداده عليهم السّلام في البقيع عليه قبة وله مزار يُزار ، حتّى الثامن من شوّل سنة 1344 هجريّة ، إذ هُدّمت ظُلماً ، لمحو آثار بيت الوحي والرسالة ، وطمس ذكر آل النبيّ الكرام عليه وعليهم أفضل الصلاة والسّلام.


روى أبو أيّوب الخُوزيّ قال : بَعثَ إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل ، فدخلتُ عليه وهو جالس على كرسيّ وبين يدَيه شمعة وفي يده كتاب ، فلمّا سلّمتُ عليه رَمَى الكتابَ وقال : هذا كتاب محمّد بن سليمان يُخبرنا أن جعفر بن محمّد قد مات… ثمّ قال لي : اكتُبْ. فكتبت صدر الكتاب ، ثمّ قال : اكتُب : إن كان قد أوصى إلى رجلٍ بعينه فقدِّمْه واضرب عنقه ( أي ضرب عنق المُوصى إليه ).
قال أبو أيّوب : فرجَعَ الجواب إليه أنّه قد أوصى إلى خمسة ، أحدهم أبو جعفر المنصور نفسه ، ومحمّد بن سليمان ، وعبدالله وموسى ابنَي جعفر ، وحميدة. فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل !

المصادر
1 ـ الإرشاد ، للشيخ المفيد.
2 ـ إعلام الورى ، للشيخ الطبرسيّ.
3 ـ الإمام الصادق عليه السّلام ، لمحمّد أبو زُهرة.
4 ـ الإمام الصادق عليه السّلام ، لمحمّد حسين المظفر.
5 ـ تاريخ الأئمّة عليهم السّلام ، لأبي الثلج البغداديّ.
6 ـ تذكرة الحفّاظ ، للذهبي / ج 1.
7 ـ جعفر بن محمّد عليه السّلام ، لعبدالعزيز سيّد الأهل.
8 ـ حلية الأولياء ، لأبي نعيم / ج 3.
9 ـ رجال النجاشيّ ، للنجاشيّ الأسديّ.
10 ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد / ج 1.
11 ـ الصواعق المحرقة ، لابن حجر.
12 ـ علل الشرائع ، للشيخ الصدوق.
13 ـ عيون المعجزات ، للشيح حسين بن عبدالوهّاب ( ق ه هـ ).
14 ـ الغَيبة ، للشيخ الطوسيّ.
15 ـ فهرست رجال الطوسيّ.
16 ـ الكافي ، للشيخ الكلينيّ / ج 1.
17 ـ الكنى والألقاب ، للشيخ عبّاس القمّي.
18 ـ مروج الذهب ، للمسعوديّ.
19 ـ مسار الشيعة ، للشيخ المفيد.
20 ـ مطالب السَّؤول ، لمحمّد بن طلحة الشافعي.
21 ـ الملل والنحل ، للشهرستاني / ج 1.
22 ـ مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب / ج 4.
23 ـ مهج الدعوات ، لابن طاووس.
24 ـ نور الأبصار ، للشبلنجيّ.

المصدر: https://rafed.net/

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى