مقالات

كلمة السيد حسن نصر الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير

كلمة السيد حسن نصر الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير

كلمة السيد حسن نصر الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير 25-5-2019

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام ‏على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.‏

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.‏

قبل أن أدخل إلى الحديث عن مناسبة هذه الكلمة اليوم وهي مناسبة عيد المقاومة والتحرير في العام التاسع عشر لهذا العيد، من واجبي أن أتوجه بالدرجة الأولى إلى جميع المسلمين بالتعزية في ذكرى شهادة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في مثل هذه الأيام في مثل صبيحة هذا اليوم ضُرب أمير المؤمنين (عليه السلام) على رأسه في محراب مسجد الكوفة، قضى أياماً قليلة ثم كانت شهادته المظلومة، ويصادف أيضاً هذا العام أنه يكون قد مضى على شهادة الأمير (عليه السلام) 1400 سنة، الإمام استشهد سنة 40 للهجرة ونحن في عام 1440 للهجرة فيكون قد مضى 1400 سنة على هذه الحادثة العظيمة والأليمة، طبعاً رغم مضي 1400سنة ما زال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) حاضراً بقوة في التاريخ وفي الوجدان وفي الفكر وفي الثقافة وفي العاطفة وفي الأحداث وفي محورية الأحداث وفي النظرة إلى المستقبل، وهذا مما يعبر دائماً عن عظمة هذه الشخصية منذ البداية، عن عظمتها في الإيمان وفي الصبر وفي الشجاعة وفي الجهاد وفي التضحية وفي العلم وفي الموقف وفي القتال وفي القيادة وفي التواضع وفي الأخلاق وفي العبادة، في كل ما هو حسنٌ في الإنسان الكامل وفي أولياء الله سبحانه وتعالى، وكانت شخصية عظيمة ومشرقة وبقيت تزداد إشراقاً وستبقى كذلك إلى قيام الساعة، بالرغم من أنه لم تتعرض شخصية في التاريخ البشري إلى عمليات تشويه وسب وشتم ومنع ذكر الفضائل وإشاعة الأكاذيب والأضاليل حول هذه الشخصية كما تعرض الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي تعرض لهذا خصوصاً في عشرات السنين بل في مئات السنين، ومع ذلك لم تستطع كل محاولات التشويه من أن تبعد جزءاً كبيرة من الصّورة الحقيقية والمشرقة لهذا الإمام العظيم .

عظّم الله أجوركم بشهادة هذا الإمام المجاهد والمضحي والعظيم والحافظ لرسالة الإسلام.

نعود إلى المناسبة، طبعاً هذه المناسبة أيضاً بالنسبة لنا في لبنان وفي المنطقة مناسبة ذكرى 25 أيار 2000 ذكرى تحرير الجزء الأكبر من أرضنا في جنوب لبنان وإخراج العدو الصهيوني وعملائه أذلاء صاغرين بلا قيود وبلا شروط من أرضنا، وكان انتصاراً تاريخياً وعظيماً. أبارك لكم جميعاً هذه الذكرى وهذا اليوم وهذا العيد التاسع عشر. طبعاً نحن اليوم لم نُقِم إحتفالاً لأنه في شهر رمضان عادةً نُثقل على الناس بالمناسبات، ويبدو طالما أن 25 أيار قد صادف في شهر رمضان ويمكن في العام المقبل أيضاً، فنحن سنكتفي ببعض أشكال الإهتمام بالمناسبة وبخطاب تلفزيوني إن بقينا على قيد الحياة لنعطي الأولوية في موضوع الحضور الشعبي لمناسبة إحياء يوم القدس، نحن إنشاء الله يوم الجمعة المقبل في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك سنقيم احتفالا شعبياً جماهيرياً كبيراً في الضاحية الجنوبية في باحة عاشوراء مساء يوم الجمعة عند الساعة التاسعة والنصف، وأدعو بطبيعة الحال الجميع إلى أوسع مشاركة شعبية، نحن أبقينا الموعد ليلاً لتخفيف العبء عن الناس ما أمكن، لكن أنا أتوجه إلى الجميع للمشاركة في أوسع حضور شعبي وجماهيري في هذا الاحتفال لأهمية الحدث هذا العام، كلنا سمعنا مسؤولين أميركيين يتحدثون عن البدء بإطلاق ما يسمى بصفقة القرن بعد شهر رمضان المبارك، والخطوة الأولى قد أعلن عنها وهي عقد المؤتمر الاقتصادي الفلاني في البحرين في مدينة المنامة عاصمة البحرين، وهناك خطوات ستتلاحق، بالتالي نحن جميعاً معنيّون في تحمل المسؤولية التاريخية في مواجهة هذه الصفقة المشؤومة التي تهدف إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة، يوم القدس هذا العام عنوانه الأساسي هو مواجهة صفقة القرن للحفاظ على القضيّة الفلسطينية، للحفاظ على القدس والدفاع عن القدس وعن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وللحفاظ وللدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وأيضا عن مستقبل وعن أمن وسلام وسيادة ومستقبل وخيرات شعوب هذه المنطقة، إذا هذه مناسبة عظيمة جداً ومهمة ويجب أن تحظى بالاهتمام في فلسطين، في لبنان، في كل العالم العربي، هي في الجمهورية الإسلامية عادةً تحظى بإهتمام كبير، في الخارج في عواصم الخارج ومدن العالم كما حصل في العام الماضي، على أمل أن يكون هذا الأمر موضع إهتمام أكبر هذا العام، لأن فلسطين ولأن القدس ولأن القضية الفلسطينية اليوم تواجه أكبر مؤامرة تصفية لوجودها ولحقها ولحقوقها بالإستفادة من الجبروت والاستكبار الأميركي، وبالإستفادة من الانقسامات والتشرذمات الموجودة في المنطقة وتداعيات ما سمي في منطقتنا بالربيع العربي. لكن قبل أن أنتقل إلى مناسبتنا أود في هذا السّياق أن أتوجه مبكراً بالتنويه والإشادة وإلفات نظر شعوب المنطقة وشعوب المنطقة أيضاً إلى الموقف الفلسطيني الجامع الإجماعي الموحد الصّارم من قبل كل الفلسطينيين، فصائل المقاومة على اختلافها، السّلطة الفلسطينية، الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده للمؤتمر الاقتصادي المزعم عقده في البحرين رفضهم لهذا المؤتمر وعدم مشاركتهم فيه، هم دعوا الجميع إلى مقاطعة هذا المؤتمر وأطلقوا مواصفات كبيرة وحادّة تجاه المشاركة في هذا المؤتمر مما يعبّر عن قوّة وعمق الموقف الفلسطيني، وهذا هو الموقف الحقيقي الموقف الملك، لأنه عادةً في القضية الفلسطينية نحن عندما نتخذ مواقف نحن وكل الداعمين للقضية الفلسطينية يقال لنا هل أنتم ملكيّون أكثر من الملك.

هذا هو الملك، الملك هو الشعب الفلسطيني وهو الموقف الفلسطيني الحاسم، الرافض، القاطع، الإجماعي في مواجهة المؤتمر الاقتصادي في البحرين كخطوة أولى من خطوات صفقة القرن. كما يجب أن ننوه أيضاً ونشيد أيضاً بموقف علماء البحرين، بموقف شعب البحرين، بموقف القوى السياسيّة في البحرين، التي عبّرت أيضاً في الخطب وفي البيانات وفي أشكال التعبير الشعبي عن رفضها لأن يكون البحرين وأن تكون المنامة هي الأرض التي تحتضن الخطوة الأولى في صفقة القرن التي تستهدف تصفية القضيّة الفلسطينيّة.

على كلٍّ، نُبقي الكلام بيوم القدس إنشاء الله إذا الله سبحانه وتعالى أبقانا على قيد الحياة، وبالتالي ما يتعلق بفلسطين، بصفقة القرن، وأيضاً بالتطورات في المنطقة وفي مقدمها التوتر الكبير الذي شهدته المنطقة وما زالت في المسألة الأمريكية – الإيرانية وما تتعرض له الجمهورية الإسلامية في إيران، والكثير من التحليلات والقراءات والتوقعات والمواقف، وخصوصاً ما يرتبط أيضاً بموقف حزب الله من هذه الأحداث، لأنه بالتأكيد هناك رفض لهذا الموقف، وهناك الكثير من السفارات وأجهزة المخابرات والجهات الإقليمية والدولية التي كانت تسعى أن تفهم حقيقة موقفنا خلال الأسابيع الماضية، انشاء الله هذا كله أتركه ليوم القدس، لأنني أعتقد أيضاً أن ما يجري في منطقة الخليج وما يستهدف الجمهورية الإسلامية هو أيضاً مرتبطٌ بقوّة في بعض جوانبه الأساسية بصفقة القرن.

اليوم أودّ أن أتحدث عن مناسبة وما يرتبط بها لبنانياً وبعض الشأن السّوري أيضاً، أحد العناوين المتَصلة بالشأن السّوري.

بالعودة إلى المناسبة، لا شك نحن أمام يوم تاريخي عظيم جداً ويوم وطني كبير جداً بالنسبة للبنان وبالنسبة للمنطقة، وأيضاً يوم تاريخي جداً فيما يتعلق بمجريات ومعادلات الصّراع العربي الإسرائيلي. ما حصل في 25 أيار 2000 كانت له نتائج استراتيجيّة ونتائج ضخمة وكبيرة جداً على المستوى العسكري والميداني والأمني والنفسي والمعنوي والروحي والسياسي والثقافي وعلى مجمل معادلة الصّراع في منطقتنا. كالعادة يجب في البداية أن نذكر بكل الشكر والتقدير والإمتنان والإعتراف بالفضل لجماعة المضحّين، التي كانت لتضحياتهم الأثر العظيم في صنع هذا الانتصار، عندما نتحدث عن الشهداء عن كل الشهداء، نتحدث عن عوائل الشهداء، عن الجرحى، عن الأسرى الذين قضوا زهرات شبابهم وعمرهم في سجون الإحتلال، وطبعاً الحمد لله منَّ الله تعالى عليهم بالحرّيّة، إلا بعض الملفات أو بعض الأخوة الذين يجب أن تُعالج ملفاتهم، كذلك المفقودين وعائلات المفقودين، المقاومين والمجاهدين والمقاتلين من كل الفصائل ومن كل الحركات والأحزاب، النّاس الصّابرين، المضحّين، الصّامدين، الذين تحمّلوا الكثير خلال سنوات المقاومة، وكل الدّاعمين والمساندين بالقول وبالفعل وبالمال وبالتأييد وبالدعاء وبأي شكل من أشكال الاحتضان التي عاشته المقاومة خلال كل السنوات الماضية، وعندما نتحدث عن القوى بالتأكيد نحن نشمل كل الفصائل والقوى اللبنانية التي شاركت، الجيش اللبناني، قوى الأمن اللبنانية، مؤسسات الأمن اللبنانية المختلفة، الفصائل الفلسطينية، الجيش العربي السّوري أثناء تواجده أيضاً في لبنان، وكل الذين قدّموا تضحيات. لا بد أيضاً أن نذكر من وقف إلى جانبنا من 1982 إلى 2000 وما زال، لكن كان شريكاً أساسياً في صنع الانتصار بدعمه السّياسي والمعنوي والمادي وكل التّسهيلات وكل الحماية وكل الدّعم، وبالتحديد يعني لا يوجد مقدمهم ولا في غير مقدمهم، يوجد دولتين الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية العربية السورية.

من أهم النتائج التي أفرزها هذا الانتصار في عام 2000 وثبتها وكرسها مع الوقت هي صنع معادلة القوة في لبنان، في عام 2000 أمام الهزيمة الإسرائيلية بات واضحاً أن في لبنان قوة فرضت على العدو الإسرائيلي، أن يخرج مهزوماً ذليلاً هارباً لم يحصّل أي مكاسب ولم يستطع أن يفرض أي شروط، أي ترتيبات أمنية، أي جوائز، أي مكافآت، بل بالعكس، كان خروجاً ذليلاً وهذا ما يجمع عليه أيضا الإسرائيليون على كل حال، كل ما قيل حينها بمصادرة نتائج هذا الانتصار من أن ما حصل هو تسوية تحت الطاولة واتفاقات وهو التزام إسرائيلي بالقرار 425، هذا كله لم يصمد لأيام لأنه كان سرابا ووهما وكذباً وتضليلاً، لا مكان له ولا موقع له في الحقيقة والصحة، العالم كله أذعن واعترف واقر وفي مقدمه الإسرائيلي نفسه بأن ما حصل في 25 أيار 2000 هو هزيمة كاملة للعدو الإسرائيلي، وهو انتصار واضح وحاسم وبيّن وجلي وعظيم للبنان وللشعب اللبناني وللمقاومة في لبنان، وللجيش في لبنان ولكل من ساهم في صنع هذا الانجاز وهذا الانتصار في لبنان. وبناء عليه تبين وتبدى كما قلت وجود هذه القوة الدافعة، هذه القوة التي فرضت الهزيمة على العدو، وبالتالي لم يعد يُنظر الى لبنان على أنه الحلقة الأضعف في الصراع العربي الإسرائيلي أو أنه نقطة الضعف الأساسية في جسد الأمة، أو في ترتيبات أو وضعية المنطقة، هذا إنتهى، الآن يُنظر إلى لبنان على أن فيه موقع كبير للقوة، أنا لا أدعي ذلك، يمكنكم لكل الذين يتابعون المسؤولين الإسرائيليين، فالعدو الإسرائيلي، السياسيون، العسكريون، الأمنيون، الإعلاميون، الصحافة، مراكز الدراسات المؤتمرات التي تعقد على مدار السنة في الكيان، التصريحات، الإجراءات، المناورات، التدابير المتخذة على الحدود كلها تؤكد أن العدو الإسرائيلي يتعاطى جدياً وعلى مدار الساعة بأنه هناك قوة حقيقية موجودة في لبنان، هو بدأ يسميها منذ مدة طويلة بالتهديد الاستراتيجي، أو بالتهديد المركزي. سأعود إلى نقطة التهديد، لكن الاعتراف، إعتراف العدو بهذه القوة، إعتراف العالم كله بهذه القوة، الإعتراف الأميركي أيضاً بهذه القوة، ولذلك هم يناقشون دائما كيف يمكنهم التخلص منها، وعندما يتحدثون عن حزب الله مثلا كعامود فقري كأساس في معادلة القوة اللبنانية الجديدة التي تحققت بعد عام 2000 فإنهم يتحدثون كيف يمكن أن نتخلص من حزب الله؟ يتحدثون عن عمليات الاغتيال وعن العقوبات وعن التضييق وعن العزل وعن الوضع على لوائح الإرهاب، وعن المحاصرة، حتى عن الحرب الشاملة. كل هذا جربوه وكان حزب الله عصياً على كل هذه المؤامرات وعلى كل هذه المحن.

إذاً، العدو يعترف بوجود هذه القوة وهذا التحول الكبير الذي حصل في لبنان، في الحقيقة الذي حصل في لبنان بعد عام 2000 وتكرّس وترسّخ بعد انتصار المقاومة بعد عام 2006 اليوم الإسرائيلي يقول عن هذه القوة وبالتحديد عن حزب الله أنه تهديد إستراتيجي أو أنه تهديد مركزي لإسرائيل، هذه شهادة عظيمة لنا، نحن نعتز بها ونفتخر بها، والفضل ما شهدت به الأعداء، لكن أريد أن أقدمها بتعبير إيجابي، بتعبير وطني، من جبهتنا ومن جهتنا وليس من جهة العدو، لأن الإسرائيلي عندما يقدمنا كتهديد إستراتيجي أو كتهديد مركزي إنما يريد من هذا إثارة العالم علينا أو حولنا، لكن لنقدمها من جهتنا بتعبير ايجابي، بتعبير إيجابي ما يسميه العدو تهديد نحن نسميه قوة دفاع ومنع وصد وحماية وردع ومواجهة، يعني أن حزب الله يمثل فيما يمثل كجزء من أجزاء القوة اللبنانية التي ترسخت بعد العام 2000 أنه جزء من قوة الردع وقوة الحماية وقوة المنع، منع العدو الإسرائيلي من تحقيق أي من أطماعه، أو ممارسة أي من تهديداته، كلنا يعرف أن العدو له أطماع في أرضنا وفي مياهنا وفي بلدنا وفي حدودنا، حتى الآن، حتى في المناطق الحدودية سأعود إليها بعد قليل، ما زال العدو الإسرائيلي يناقش في بعض النقاط التي هي تمثل نقاط إستراتيجية بالنسبة إلى لبنان، ما زال موضوع مزارع شبعا وما تمثله من قيمة أمنية وقيمة إستراتيجة مائية أيضاً وأيضاً في موضوع البحر والنفط والغاز، أطماع العدو تتجاوز حتى هذه الحدود، في كل الأحوال له أطماعه وله تهديداته يحاول بالقوة أن يفرض خياراته على بلدنا وعلى شعبنا وعلى الدولة في لبنان، وهذه القوة تقف في وجهه، هذه القوة كما أن العدو يعترف بها، وكما أن العدو يعمل على إنهائها وإزالتها والتخلص منها، في المقابل يجب أن نعرف نحن كلبنانيين أهمية هذه القوة في الحفاظ على سيادة لبنان وسلامة لبنان وأمن لبنان وخيرات وثروات لبنان وحاضر لبنان ومستقبله، ويجب أن نعمل لكي نحافظ على هذه القوة، هذه التي سميناها المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة، يجب أن نحافظ على هذه القوة لكي نتمكن من مواجهة الأطماع والتهديدات، وبهذه القوة إستطعنا أن نحرر أرضنا، تصوروا لو لم تكن هناك مقاومة في لبنان ولو لم يكن هناك تحرير في العام 2000 تصوروا لو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ما زال يسيطر على أرضنا في جنوب لبنان بالحد الأدنى حتى اليوم، ألم يكن اليوم كنا نشهد أن السيد ترامب يهدي جنوب لبنان أو أجزاء كبيرة من جنوب لبنان لحكومة العدو، كما وهبها القدس وكما وهبها الجولان، كما سيهبها الضفة الغربية وكما وهبها في السابق أسلافه أراضي 1948؟ إذاً اليوم هذه المقاومة كجزء من هذه القوة اللبنانية الأساسية قوة الدفاع والردع والحماية والصد والمنع والمواجهة، هي القوة التي يجب أن نحرص في الحفاظ عليها بكل ما إستطعنا، عندما نجد أن أعداءنا يستهدفونها بكل الوسائل للتخلص منها يجب أن نعرف أنهم يعملون لمصلحتهم، وبالتالي سنتصرف نحن كلبنانيين من موقعنا الوطني والسيادي وموقعنا الأخلاقي وأيضاً من موقعنا المصلحي، مصلحتنا كلبنانيين في الأمن وفي السلامة والعافية، في الحفاظ على الأرض والإمكانات والدم والعرض والكرامة والعزة والشرف والحرية، أن نكون أقوياء، هذه هي ضمانتنا الحقيقية.

ما يجب أن أؤكده في المناسبة اليوم خصوصاً في العالم الذي ظهر أكثر من أي وقت مضى، أن لا مكان فيه للقانون الدولي ولا للقرارات الدولية ولا لمجلس الأمن الدولي ولا للمؤسسات الدولية وإنما المكان الوحيد فيه هو للغطرسة والإستكبار، العتو الأميركي الصهيوني، وأيضاً فيه مكان للمقاومين، للأقوياء، للأشداء، للمتمسكين بحقوقهم، والمستعدين للدفاع والتضحية من أجل الحصول على حقوقهم، أما الباقون فهم ضحايا، لا مكان لهم لا في المعادلات، عليهم أن يدفعوا الأموال وعليهم أن يتحملوا التبعات وسيتم التخلص منهم في نهاية المطاف عندما يتحولون الى مجرد أعباء.

انطلاقاً من هذه المناسبة أود أن أدخل إلى بعض العناوين المتصلة أيضاً بشكل سريع، العنوان الأول: يجب أن أؤكد في العيد التاسع عشر للمقاومة والتحرير، تمسكنا بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر والبيان الذي أصدره فخامة الرئيس العماد ميشال عون بالأمس حول هذه القضية أيضاً، كان قوياً وحاسماً وواضحاً، وكذلك البيان الذي صدر عن قيادة الجيش اللبناني والتي تعلن التزامها القاطع، هذا كان أدبيات جيدة، وهذا ما ورد في الأدبيات، بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبقية الأراضي المحتلة مهما كانت التضحيات ومهما كانت الاثمان غالية وهذا كمضمون، الآن كنص يمكن الرجوع إليه وبالتأكيد مضمون جيد وقوي.

إذا اليوم نحن نؤكد على حقنا الطبيعي على أن هذه الأرض هي أرضنا، وعلى حقنا الطبيعي في ممارسة المقاومة، كل أشكال المقاومة، وإتخاذ كل الوسائل لتحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية.

النقطة الثانية: ترسيم الحدود، الآن من نقاط القوة طبعاً ان هناك خلفية مشتركة بين المسؤولين اللبنانيين وبالتحديد بين الرؤساء الثلاثة حول هذا الموضوع، المقاومة في صورة ما يجري هي تدعم موقف الدولة وتقف خلف الدولة كما أعلنا سابقاً، والمقاومة والشعب اللبناني وكل اللبنانيين بالتأكيد يراهنون ويثقون بتمسك الرؤساء وبمسؤولي الدولة بكامل الحقوق في الأرض وفي المياه وبالثروات الطبيعية المودعة في مياهنا، ويتطلعون إلى إدارتهم وإلى ثباتهم والى تحملهم للمسؤولية التاريخية في إدارة التفاوض حول هذا الملف، ولبنان هنا يستند إلى قوتين في هذا التفاوض، قوة الحق لأن ما يطالب به لبنان هو حقه وأيضاً قوة القوة التي تحدثت عنها قبل قليل الموجودة في لبنان، لبنان اليوم ليس في موقع ضعف، أمام إسرائيل على الإطلاق ولا يجوز أن يشعر أي لبناني أن بلده في موقف ضعف، أو أن دولته في موقف ضعف، لا، اليوم هم يتهيبون ويخافون ويقلقون من ما هو موجود في لبنان وكما أنهم يستطيعون أن يمنعوا لبنان من الحصول على النفط والغاز، أيضاً لبنان يستطيع أن يمنعهم من الحصول على النفط والغاز، أنا لست بحاجة الى إطلاق تهديدات جديدة، العدو الإسرائيلي ومن خلفه الأميركيون يعرفون هذه المعادلات جيداً، وبالتالي طالما أن الدولة ومسؤولي الدولة يستندون إلى قوة الحق والى قوة القوة، فمن المفترض أن نتمسك بحقوقنا وأن نتفائل كما تفاءل دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري في إمكانيات تحقيق إنتصار كبير في هذا الملف إن شاء الله.

النقطة الثالثة: في موضوع التوطين، أود أن أشير وألفت إلى أن أهم مسألة قد يؤدي إليها المؤتمر الاقتصادي في البحرين والتوجه الاقتصادي الذي يراد نقاشه هناك وبعض أشكال الترغيب والإغراءات المالية هنا وهناك، هذا قد يفتح الباب عريضاً وواسعاً أمام مسألة توطين الإخوة الفلسطينيين في لبنان وفي بقية البلدان التي يتواجدون فيها، إضافة إلى ما تتعرض له وكالة الأونروا من تضييق قد يؤدي إلى تعطيلها أو إلى توقيفها عن العمل.

أيضاً كما في مسألة ترسيم الحدود هناك أرضية مشتركة أو خلفية مشتركة على المستوى الوطني اللبناني، حيث يجمع اللبنانيون كلهم مع أن نقاط ومسائل خلافهم كثيرة ولكن اللبنانيين يجمعون على رفض التوطين، دستوريا، سياسيا، وطنيا، وعلى كل صعيد أيضا هناك أرضية مشتركة مع إخواننا الفلسطينيين الموجودين في لبنان، حيث أن جميع الفلسطينيين، الفصائل الفلسطينية، الشعب الفلسطيني، اللاجئين الفلسطينيين، كل الإخوة الفلسطينيين الكرام الموجودين في لبنان أيضا يجمعون على رفض التوطين ويصرون على حقهم في العودة إلى أرضهم إلى فلسطين، إلى ديارهم وإلى أملاكهم وإلى بيوتهم.

إذاً، هذه تشكل أرضية مشتركة، الآن نحن أصبحنا في مرحلة لا يكفي فيها أن يقال أننا جميعاً ضد التوطين.

خطر التوطين يبدو أنه يقترب بقوة أيها اللبنانيون وأيها الفلسطينيون في لبنان.

ولذلك أنا أدعو إلى لقاء سريع ولا يحتاج إلى مطولات لا إلى طاولة حوار، ولا إلى مؤتمرات، ولا إلى أيام طويلة، إلى عقد جلسة بين المسؤولين اللبنانيين والمسؤولين الفلسطينيين في لبنان لمناقشة جادة ووضع خطة لمواجهة خطر التوطين الزاحف والقادم.

هذا طبعا غير موضوع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي كانت تناقش قضايا عريضة وطويلة مفصلة بالإضافة إليها أو جانبها أو أعلى منها، وأنا أقترح أن يكون على مستوى عالي من المسؤولين الأساسيين، جدياً اليوم يجب أن ننتبه، لا يكفي أنني اصدر بيان وأنت تصدر بيان والأخ الفلسطيني يصدر بيان وعظيم نحن بالبيانات جميعنا ضد التوطين، لكن ما هي الخطة اللبنانية الفلسطينية المشتركة؟ نحن بحاجة إلى خطة مشتركة لمواجهة خطر التوطين الزاحف والآتي، هذا ما يجب أن نجلس جميعا، أن يجلس اللبنانيون والفلسطينيون المسؤولون المعنيون ويضعوا خطة، وما هو مطلوب منا كأفكار أو اقتراحات أو مساهمة عملية نحن جاهزون أن نكون جزءاً بالتأكيد من هذه المواجهة الوطنية القومية الأساسية.

النقطة الرابعة: النازحون السوريون، أيضا كلمة باختصار كنت قد أشرت إليها في موضوع سوريا، وإن كان هذا الموضوع يستحق أن أتحدث به ساعة كاملة لأنني مطلع عليه بالتفصيل الممل، لكن سأكتفي بالقول الآن أيضاً للبنانيين أريد أن أقول لهم الكل أيضاً يجمع في لبنان وهذه أيضاً ارضية مشتركة، أنا أسعى لأكون اليوم إيجابي وأفتش عن الأرضيات المشتركة بين كل اللبنانيين، بحسب الظاهر كل اللبنانيين مجمعون ويقولون أنهم يريدون المساعدة على إعادة الإخوة والأهل النازحين السوريين إلى بلدهم.

ولكننا نختلف، إذا كنا نتفق بالمبدأ ونختلف حول الوسيلة أو الأسلوب أو ما شاكل.

لكن حقيقة الأمر حتى نكاشف بعضنا بعضاً ونكون واضحين ولا نخترع نقاط ندعي أنها هي نقاط الخلاف، السبب الحقيقي هو سبب سياسي، الأمر يرتبط بالانتخابات الرئاسية في سورية الانتخابات القادمة، لأن ولاية الرئيس بشار الأسد ستنتهي عام 2021 فيوجد انتخابات على كل حال بمعزل عن استانا، بمعزل عن جنيف، أو مع جنيف ومع أستانا، شكلت لجنة دستورية أو لم تشكل لجنة دستورية، يوجد حل سياسي أو لا يوجد حل سياسي، فإنه توجد انتخابات رئاسية ستحصل في موعدها الطبيعي.

هناك إصرار أمريكي غربي خليجي، يجب أن نكون واضحين الشعب اللبناني اليوم الذي يجمع على معالجة هذا الملف، واليوم المعاناة هي معاناة مشتركة، السوريون يعانون بسبب النزوح، إلا قليل منهم من من رتب أمورهم بالبلد صار لديهم دكاكين، ومطاعم، ومحلات وباب رزق وشغالين وماشي حالهم ومرتاحين وهؤلاء قلة.

لكن الكثرة من النازحين السوريين يعيشون معاناة النزوح، السوريون النازحون يعانون واللبنانيون أيضاً اليوم كلهم يعانون على إختلاف المناطق، في مرحلة من المراحل حاول البعض أن يعطي للخلاف حول قضية النازحين للأسف الشديد بعداً طائفيا أو بعداً مذهبياً أو بعداً مناطقياً.

اليوم كل اللبنانيين في كل المناطق من كل الطوائف أيضاً يعانون من تداعيات هذا النزوح، يعانون اقتصاديا، ويعانون أمنيا، ويعانون اجتماعيا، وتفاصيله معروفة لكم ويومياً نسمع الأخبار ونعرف التفاصيل.

لماذا تستمر معاناة النازحين السوريين في لبنان؟ لماذا تستمر معاناة اللبنانيين؟ لماذا يستمر تحمل كل هذه الأعباء على الجهتين؟ لسبب بسيط هذه هي الحقيقة، هذه هي الحقيقة أن الأمريكي والغربي وبعض دول الخليج في الحد الأدنى لا تريد للنازحيين السوريين أن يعودوا إلى بلدهم بالحد الأدنى قبل الانتخابات الرئاسية السورية.

السبب سياسي لا علاقة له بالقضايا الإنسانية بل القضايا الإنسانية تفترض أن يعود الإنسان إلى بيته، إلى داره، إلى دكانه، إلى حقله، إلى عائلته، إلى وطنه ولا ترتبط أيضا بالأسباب الأمنية.

كل الذين عادوا إلى سورية يعيشون في سورية كبقية السوريين، ما حاول بعض المسؤولين اللبنانيين أن يشيعوه من أن هناك عمليات قتل وعمليات تصفية وعمليات هي مجرد إشاعات وأكاذيب، وأنا أطالب وقد طالبت أيضاً خارج وسائل الإعلام بعض المسؤولين في الدولة أن يتحققوا من هذه الادعاءات، لأنها إدعاءات خطيرة، وهذه الإدعاءات في الحقيقة توجه الإتهام إلى كل القوى السياسية اللبنانية التي دعمت العودة أو ساهمت في العودة وبشكل أساسي إلى مؤسسة أمنية كبرى ومهمة ومحترمة في لبنان وهي المديرية العامة للأمن العام في لبنان، التي أخذت على عاتقها الملف بشكل أساسي، هذه ادعاءات لتخويف السوريين النازحين من العودة إلى بلدهم وهي لا تستند إلى حقيقة، هي تخدم الهدف السياسي الذي تحدثت عنه قبل قليل.

الدولة في سورية، الحكومة في سورية، أنا منذ سنوات وليس الآن وفي لقاء مع السيد الرئيس بشار الأسد، أنا تحدثت معه بصراحة وسألته بصراحة هل أنتم تريدون أن يعود النازحون من لبنان إلى سورية حتى نفهم على بعضنا لأننا نحن أصدقاء وحلفاء ولا يريد أحدنا أن يلحق الأذى بالآخر، قال لي بكل صراحة وبكل صدق نعم نحن نريد أن يعود الجميع إلى سورية، وحاضرون أن نقدم كل التسهيلات لعودة الجميع إلى سورية.

اليوم ما هو المانع؟ هذا هو المانع، المانع سياسي المانع سياسي، هل يجوز للبنان وللدولة اللبنانية وللحكومة اللبنانية أن تخضع لهذا الاعتبار السياسي وتقدمه على الاعتبارات الإنسانية والاعتبارات الأمنية، والاعتبارات الاقتصادية فقط لأن أمريكا والغرب وبعض دول الخليج تقدم هذا الاعتبار السياسي وتفرض على لبنان منع عودة النازحين السوريين؟ أنا أقول في لبنان ما يجري هو منع عودة النازحين السوريين وليس أنه هناك عودة طوعية ومن يريد أن يعود ومن يريد لا يعود، لا هناك منع، أحد أشكال المنع هو التخويف والترهيب الذي يمارسه بعض المسؤولين اللبنانيين أو مارسه ويمارسه بعض الإعلام اللبناني ، وأيضا أحد أسباب وأشكال المنع هو الترغيب بالبقاء في لبنان.

إذاً، يجب الكف عن هذا المنع ويجب أيضاً عدم الإكتفاء بالتصريحات، اليوم طبعا لا يستطيع أحد ولا قوة سياسية بلبنان تستطيع أن تخرج وتقول نحن نريد توطين السوريين في لبنان، نحن لا نريد عودة النازحين السوريين، لا يجرأ أحد أن يقول هذا ولو كان يريد ذلك ضمنياً.

الكل يقول يجب أن يعودوا ويجب أن نساعدهم على العودة، أعتقد بعد الانتهاء من نقاش الموازنة الحكومة اللبنانية، أيضا القوى السياسية اللبنانية معنية بنقاش جاد حول هذا الموضوع وعدم الاكتفاء بالمواقف، لأن المشهد الإقليمي والدولي بات واضحاً، الوفود اللبنانية والمؤتمرات التي عقدت والاتصالات التي حصلت مع كل دول العالم، أعتقد ما أقوله الآن أنا على التلفاز هذا أصبح يقينيا عند المسؤولين اللبنانيين، منذ أشهر في الحد الأدنى إن لم يكن منذ سنوات.

لكن في الحد الأدنى منذ أشهر أصبح واضحاً للمسؤولين اللبنانيين جميعاً أن هناك منعاً سياسياً، كيف سنتصرف وكيف سنتعاطى مع هذا الأمر الذي يشكل أمراً وطنياً ومهماً جداً؟

العنوان الأخير: ما يرتبط بمكافحة الفساد والوضع المالي والموازنة، نتحدث باختصار في الوقت المتبقي.

نحن كما يعرف الجميع في مثل هذه الأيام عندما كنا في الانتخابات النيابية، من جملة ما التزمنا به وأعلنا عنه هو أننا سنكون جزءاً من عملية مكافحة الفساد وسد أبواب الهدر ومواجهة الهدر المالي في الدولة اللبنانية.

طبعا هذا الأمر قلنا منذ البداية يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى صبر ويحتاج إلى جهد ويحتاج أيضاً إلى جهد وإلى معلومات وإلى تشكل ملفات وإلى أدوات، إلى عناصر وإلى أسباب في المواجهة، لكل معركة لها معلوماتها ولها ملفاتها ولها وسائلها وأسبابها المختلفة.

إن هذا الأمر منذ البداية قلنا أنه يحتاج إلى وقت وإلى صبر، بعد أسبوع وأسبوعين صرنا نطالب أين أصبحتم؟ وما فعلتم؟ وما أنجزتم؟ أنا ذكرت وكنت واضحاً وشفافاً، عندما قلت أن هذه المعركة هي أصعب من معركة تحرير الجنوب، وعيد الانتصار في 25 أيار 2000 تحقق لكن هذا الانتصار سيكون أصعب ومعقد أكثر من ذاك الانتصار، لذلك الأمر يحتاج إلى الوقت، كما أشرت إلى الجهود وإلى تعاون الجميع في معركة المقاومة، يمكن أن ينتهي الأمر إلى فصيل أو فصيلين يستمران في المقاومة بعد ان ينشغل عنها الآخرون، أما في معركة مكافحة الفساد لا يكفي أن يقف فصيل أو فصيلان ليحاربوا الفساد، المتجذر في الدولة بل في الثقافة بل في الوجدان، وإنما هو بحاجة إلى نهضة وطنية وإلى مقاومة وطنية وإلى إستراتيجية وطنية، ونحن كنا وسنكون جزءاً أساسياً ومتقدماً وقوياً في هذه المعركة وفي هذه المواجهة.

على كل حال، خلال الفترة الماضية نحن إن أردت الاختصار قليلا بهذا الملف أقول: لقد استطاع موقف حزب الله أن يساهم بقوة في إيجاد مناخ وطني كبير ومناخ رسمي وحزبي وشعبي وإعلامي حول قضية مكافحة الفساد والهدر المالي، وتحويلها إلى أحد العناوين والقضايا الوطنية المركزية المهمة التي يفكر فيها الناس ويهتم فيها الناس ويتحدث عنها الناس ويشتغل فيها الكثيرون ويطالب فيها الكثيرون، وهذا في حد ذاته هو إنجاز أولي على هذا الطريق.

أيضاً، قمنا خلال العام الماضي بتحضير مجموعة من الملفات، بعضها قدمناها وبعضها سوف نقدمها إن شاء الله، نحن أجّلنا ذلك إلى ما بعد الانتهاء من مناقشة الموازنة، هناك أيضاً ملفات على المستوى الوطني ترتبط بالفساد وبالهدر المالي أصبحت جاهزة لدينا، أجّلناها كما قلت للإنتهاء من الموازنة، لأن بحث الموازنة كان يسيطر على كل شيء في البلد داخلياً، وهذه سنقوم بتقديمها إلى القضاء وقد نتحدث أيضاً عنها في وسائل الإعلام.

ثالثاً، حضّرنا مجموعة من الاقتراحات من قبل كتلة الوفاء للمقاومة، بعضُها قُدّم، بعضُها يتم مناقشته مع الحلفاء ليتم تقديمه بشكل مشترك، فيما يتعلق مثلاً بموضوع المناقصات، فيما يتعلق بموضوع التوظيف، آليات التوظيف، في مسائل أخرى التي تساهم بشكل كبير جداً في سد أبواب الفساد ووقف الهدر المالي. هناك اقتراحات تم إعدادها لكن كتل نيابية أخرى تقدمت بها فتوقفنا عن تقديمها وقررنا أن ندعم اقتراح الكتل النيابية الأخرى، لأن المهم هو الحصول على النتيجة وليس المهم من الذي يقدم الاقتراح. نحن في هذه المعركة نتصرف بإخلاص، المهم النتيجة، ليس مهم أن يقال نحن الذين قدمنا الاقتراح ونحن الذين حققنا الإنجاز ونحن الذين منعنا الهدر هنا أو منعنا الفساد هناك، بالنسبة إلينا المهم أن يُمنع الهدر، أن يُمنع الفساد، أن يُسدّ هذا الباب وذاك الباب، المهم النتيجة.

أيضاً، على مستوى الوزارات التي تحمّل إخواننا المسؤولية فيها، منذ البداية قلنا لهم أن الأولوية في مكافحة الفساد أن تقوموا أنتم في إطار وزاراتكم، كما هو معروف وزارة الشباب والرياضة نحن نتحمل فيها المسؤولية وأيضاً وزارة الصحة ولدينا وزارة دولة من المعروف ماذا تعني وزارة دولة. في هاتين الوزارتين، الأخوان الوزيران العزيزان قاما بجهود كبيرة، نستطيع أن ندّعي الآن بحسب معلوماتنا، بحسب معطياتنا، أنه لا يوجد فساد في هاتين الوزارتين، لا يوجد هدر في هاتين الوزارتين، بحسب المعلومات المتوفرة لدينا وما قام به الوزيران من جهود، طبعاً هم سيتحدثون عنها، لن أتكلم أنا بالنيابة عنهما. لكن أريد أيضاً في هذه النقطة أن أقول لكل اللبنانيين، من لديه أي معلومات أو معطيات تتعلق بهاتين الوزارتين، تتصلان بفساد أو هدر مالي يمكن أن تقدم لملف الفساد الذي شكله حزب الله أو تقدم إلى الأخوين الوزيرين أو مستشاريهم أو معاونيهما، والأخوة معنيون في هذا.

طبعاً، أستفيد أيضاً من هذه الفرصة لأوجه الخطاب إلى بقية القوى السياسية، أن كل شخص أيضا ً في وزارته، طالما جميعاً نقول نحن مجمعون على مكافحة الفساد والهدر المالي، بدل من أن أذهب أنا وأناضل في وزارتك أنت ناضل في وزارتك، طالما أنت ملتزم بهذا العنوان وحريص عليه وتقول أنك جدي فتفضل واستخدم موقعك ومسؤوليتك ونفوذك، من خلال وزيرك في مواجهة أشكال الفساد والهدر المالي الموجود في الوزارة، طبعاً هذا لا يسقط المسؤولية عنا وعن بقية القوى السياسية ولكن يتحمّل الوزير المعني أولوية مطلقة على هذا الصعيد.

أيضاً، فيما أنجز خلال الفترة الماضية هو إثارة ملف تسوية الحسابات المالية، تقديم المعطيات للقضاء، إثارته في الإعلام، تقديم المعطيات للقضاء وما تبعه من إجراءات ومتابعات من قبل وزارة المالية، ديوان المحاسبة، القضاء المالي المعني والمختص، وهذا الإستحقاق هو الذي سيواجهه على كل حال المجلس النيابي عندما يصل إلى نقاش مسألة الموازنة، ونحن نعتبر أن هذه المسألة مهمة جداً جداً، يعني تسوية الحسابات المالية وحسم هذا الملف حتى يصح إقرار الموازنة ونصل إلى انتظام مالي حقيقي.

مواجهة بعض القروض التي لا جدوى لها والتي كانت ستحمل أعباء مالية كبيرة أيضاً على الخزينة اللبنانية وعلى الشعب اللبناني.

لا شك أن مناقشة الموازنة خلال الفترة الماضية كانت بالنسبة إلينا أولوية، نحن اعتبرنا أن موازنة 2019 هي محطة مهمة جداً لمكافحة الفساد ووقف الهدر المالي ما أمكن، يعني هي فرصة في الحقيقة، وقلنا يجب أن نتعاطى مع نقاش الموازنة أيضاً على أنه فرصة كما أنه مسعى إنقاذي، لأن الكل يجمع في البلد، وهذه أيضاً أرضية مشتركة، لأن الوضع المالي صعب والوضع الاقتصادي صعب والكل متفق أنه يجب أن نصل إلى المعالجة على ضوء رؤية اقتصادية، لكن مختلفين بأن يدخلوها الآن على الموازنة أو يعالجوها إلى جانب الموازنة. الكل مجمع على أهمية الخطوات الإصلاحية. في كل الأحوال، نقاش الموازنة هو محطة مهمة كان وما زال.

نحن خلال الفترة الماضية – أيضاً باختصار – خلال الفترة الماضية إذا تذكرون قلنا نحن يجب أن نكون جميعاً جديين في هذا النقاش، يعني لا يكون من “قفا اليد” بالنسبة للقوى السياسية، الكل يجب أن يناقش على قاعدة أن هذه الموازنة مصيرية ويبنى عليها بموازنة 2020 و 2021، مصير البلد المالي والاقتصادي. نحن تعاطينا بجدية منذ الأيام الأولى، نقاش الأفكار الأولى، نقاش المسودة التي تقدم بها وزير المال، نوابنا، وزراؤنا، اختصاصيونا، الجهات الاستشارية عندنا، قيادة حزب الله، بذلت جهود كبيرة وذهب وزراؤنا إلى جلسات الحكومة مزودين بالأفكار وبالنقاشات العلمية والموضوعية.

ثانياً، قلنا ونصحنا أن يكون النقاش داخل مجلس الوزراء، أن نبتعد عن الإعلام، أن نبتعد عن السجالات الإعلامية، عن توتير المناخ الإعلامي، لأنه يؤثر على موضوعية النقاش داخل مجلس الوزراء ويأخذنا إلى مزايدات، وبالتالي إلى قرارات غير منصفة أو غير عملية وواقعية. نحن التزمنا أيضاً بهذا ولذلك منذ بداية النقاش إلى اليوم لا أحد منا لا من وزرائنا ولا من نوابنا ولا من مسؤولينا أجرى مؤتمراً صحافياً وشرح أن هذا موقفنا وأنه هكذا نقبل وهكذا لا نقبل، اكتفينا بآرائنا في مجلس الوزراء، وإن كان بعض التسريبات الإعلامية حصلت من هنا وهناك، بعضها صحيح وبعضها غير صحيح ولم نعلّق عليها حتى لا ندخل في السجال ولا نتجاوز المبدأ الذي دعونا إليه الجميع.

في كل الأحوال، بعد الانتهاء من نقاش الموازنة إذا كان هناك ما يقتضي أن يتقدم إخواننا الوزراء بشروحات أو توضيحات لحقيقة موقف حزب الله في الحكومة من مناقشة الميزانية هذا، إن شاء الله سيحصل إذا كان هناك من داعٍ.

الآن نحن ننتظر الجلسة الأخيرة في قصر بعبدا، نحن لن نعرقل إصدار الموازنة من قبل الحكومة بالرغم من أن هناك نقاط، طبعا ًهناك نقاط كثيرة أيدناها ووافقنا عليها ولكن هناك نقاط رفضناها ونرفضها، لأننا نعتبر أنها تمس بالفئات الفقيرة، بالشعب اللبناني عموماً وخصوصاً بالفئات الفقيرة وذوات الدخل المحدود. لكن لن نعرقل، سنتعاون لتصدر الميزانية عن الحكومة وتذهب إلى مجلس النواب، لأنه في المجلس النيابي ستكون هناك فرصة كبيرة جداً للنقاش والتعديل والتعاون في معالجة بعض هذه الأمور. يهمني هنا أن أدعو – ومن باب المسؤولية وليس من باب المزايدة على أحد – منذ البداية كان هناك شائعات ومخاوف كثيرة منها ما تبين أنه شائعات ومخاوف وليست موجودة في الموازنة، لكن أيضاً عندما خرجنا جميعا ًلنطمئن اللبنانيين قلنا لهم أن القوى السياسية أغلبها قالت لن نقبل بما يمس الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، لن نفرض ضرائب ورسوم تطال هذه الفئات. في الموازنة التي سوف تخرج من الحكومة، للأسف الشديد هناك ضرائب ورسوم مسّت الفئات الفقيرة وفئات ذوي الدخل المحدود، أنا أطالب القوى السياسية فقط بأن تفي بوعودها التي أطلقتها في بداية نقاشات الموازنة، وإذا سنعبر من الحكومة، في المجلس النيابي لأنه سيكون كل شيء مفتوح، وفي النقاش في المجلس النيابي نحن لن نلتزم بالصمت الإعلامي الذي التزمنا به في الحكومة، في المجلس النيابي نحن سنناقش في لجنة المال الموازنة وسنظهر إلى الإعلام ونعقد مؤتمرات صحافية ونناقش في العلن لأن النقاش هناك أدواته ووسائله وما نصبو إليه مختلف.

في كل الأحوال، نحن نأمل إن شاء الله أن تذهب الموازنة في أقرب وقت إلى المجلس النيابي، دولة رئيس مجلس النواب أيضاً وعد اللبنانيين بأنه سيعمل في الليل وفي النهار على إقرار الموازنة في أسرع وقت ممكن، وسوف تكون هناك إن شاء الله نقاشات جادة ونأمل أن نصل إلى النتائج المطلوبة بعد إقرار الموازنة وإلى جانبها يجب أن يتواصل النقاش بالخطوات الإصلاحية وفي كل ما يرتبط بالرؤية الاقتصادية. مبكراً يجب بدء النقاش بموازنة 2020، لا يجوز أن نهدأ كلبنانيين ونقول كفى أصبح عندنا موازنة 2019. إذاً الوضع المالي والاقتصادي أصبح في أمان، لا، هذه خطوة، خطوة في الطريق. لا أريد الآن أن أدخل إلى بعض العناوين الرئيسية في الموازنة الحالية أو في المسائل الإصلاحية، هذا يأتي وقته إن شاء الله للمزيد من الحديث.

هذا الهم يجب أن يبقى حاضراً ومسيطراً بقوة ويتحمل الجميع فيه المسؤولية الجادة.

في الختام، إذ أعيد التبريك لكم جميعاً بهذه المناسبة، بهذا العيد، بهذا الانتصار التاريخي الذي أسس لزمن الانتصارات وأغلق خلفه الباب، مثل ما آخر جندي إسرائيلي أقفل الباب، باب الحديد، وخرج الجنود الإسرائيليون، خرجوا، واليوم هم يبنون الجدران والحيطان والتلال الاصطناعية وكل الموانع لأنهم فهموا جيداً حقيقة القوة التي أصبحت تتواجد في لبنان. أغلق هذا الانتصار، كما أغلق الجندي الإسرائيلي بوابة الاحتلال على أرض فلسطين مع لبنان، انتصار 2000 أغلق أيضاً بوابة زمن الهزائم وفتح بوابة زمن الانتصارات على مصراعيها. إذا حافظنا على هذه القوة وتوكلنا على الله وحافظنا على وحدتنا وتماسكنا ومسؤولياتنا الوطنية وحرصنا الوطني، بالتأكيد سنستمر في مواقع الردع والمنع والحيلولة دون فرض شروط على بلدنا أو اقتطاع شيء من مياهنا أو من خيراتنا أو من بحرنا أو من أرضنا أو من سيادتنا، لن يعود لبنان إلى الزمن الإسرائيلي بالتأكيد، لن يدخل الزمن الأميركي، سوف يبقى لبنان في زمن السيادة، في زمن المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة، في زمن القوة التي تصنع الانتصارات وتحمي الكرامة والعزة والحرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى