مقالات

معاوية والطلقاء وذريتهم – بحكم النبي (صلى الله عليه وآله) – ليسوا من أمته!

 خالفوا النبي (صلى الله عليه وآله)وعمر، وجعلوا الطليق بن الطليق خليفة!
روى ابن سعد في الطبقات:3/342، عن عمر أنه قال: (هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد، وفي كذا وكذا، وليس فيها لطليق، ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء) [1].
وفي الإصابة:4/70: (ويقال إن عمر قال لأهل الشورى: لا تختلفوا، فإنكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله بن أبي ربيعة من اليمن، فلا يريان لكم فضلاً لسابقتكم، وإن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء) [2].
وفي فتح الباري:13/178: (وإنما خص الستة لأنه اجتمع في كل واحد منهم أمران: كونه معدودًا في أهل بدر، ومات النبي(صلى الله عليه وآله)وهو عنه راض، وقد صرح بالثاني الحديث الماضي في مناقب عثمان، وأما الأول فأخرجه ابن سعد من طريق عبد الرحمن بن أبزى عن عمر قال… وهذا مصيرٌ منه إلى اعتبار تقديم الأفضل في الخلافة).
وفي كتاب الصحبة والصحابة للشيخ حسن بن فرحان المالكي ص33، في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شيء حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[3]:

هذه السورة فيها فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى:
إثبات ولاية المهاجرين مع الأنصار فقط وهذا ما يفسره الحديث الشريف عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة. رواه أحمد بسند صحيح. والحديث فيه إخراج للطلقاء من المهاجرين والأنصار، الذين هم أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)فقط، كما في حديث آخر:(أنا وأصحابي حَيِّز والناس حَيِّز)، قالها النبي(صلى الله عليه وآله)يوم الفتح، وكلمة [أصحابي] في هذا الحديث الأخير كلمة مطلقة، فسرها الحديث المتقدم وقيدها بأن المراد بها [المهاجرون والأنصار] فتأمل لهذا التوافق والترابط، فإنك لن تجده في غير هذا المكان!
الفائدة الثانية:
إن الذين أسلموا ولم يهاجروا لا يستحقون من المسلمين في عهد النبي(صلى الله عليه وآله) الولاية، التي تعني النصرة والولاء! فإذا كان المسلمون قبل فتح مكة لا يستحقون النصرة ولا الولاء حتى يهاجروا، فكيف بمن انتظر من [الطلقاء]، حتى قال(صلى الله عليه وآله): لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية! فهؤلاء لم يدركوا فضل من لا يستحق النصرة والولاية، فضلاً عن إدراكهم لفضل السابقين من المهاجرين والأنصار.
الفائدة الثالثة:
إن المسلمين الذين لم يهاجروا [لا يجوز] أن ينصرهم المسلمون على الكفار المعاهدين [الذين معهم ميثاق مع المهاجرين والأنصار] وهذا الحكم يبين الفرق الواسع بين من هاجر ومن بقي مؤمنًا في دياره، فكيف بمن لم يؤمن إلا عند إلغاء الهجرة الشرعية من مكة وأسلم رغبة في الدنيا ورهبة من السيف، حتى وإن حسن إسلامه فيما بعد)!
وقال في ص44: (الدليل الحادي عشر: حديث أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه السورة {إذا جاء نصر الله والفتح} قال: قرأها رسول الله(صلى الله عليه وآله)حتى ختمها وقال: الناس حيِّز، وأنا وأصحابي حيِّز، وقال: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، فقال له مروان: كذبت! وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدّثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة! فسكتا، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالوا: صدق، وقد أخرجه أحمد بسند صحيح 4/45).
فهذا الحديث فيه إخراج واضح للطلقاء الذين [دخلوا في الإسلام] من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) بأكثر من دلالة:
منها: تلاوته(صلى الله عليه وآله)لسورة النصر التي فيها ذكر [الناس] الذين يدخلون في دين الله أفواجًا، تلاها(صلى الله عليه وآله)يوم فتح مكة، فهؤلاء الناس المراد بهم الطلقاء.
ثم أخبرنا النبي بأن (الناس حَيِّز، وهو وأصحابه حَيِّزٌ آخر)! فماذا يعني هذا؟
هذا بكل وضوح لا يعني إلا أن هؤلاء [الناس] لا يدخلون في الأصحاب، الذين فازوا بتلك [الصحبة الشرعية] التي تستحق الثناء وتتنزل فيها كل الثناءات على الصحابة، فإذا سمعنا بأي حديث يثني على [أصحاب النبي] أو أي أثر من الصحابة خاصة يثني على [أصحاب النبي]، فلا تنزل تلك الأحاديث والآثار إلا على هؤلاء [الأصحاب] الذين فَصَلَهُم النبي عن سائر [الناس] من غيرهم، وأولى الناس دخولاً في هؤلاء [الناس] هم الطلقاء الذين أسلموا يوم فتح مكة لارتباط المناسبة بهم، ولا يجوز أن نجمع بين [حيزين] قد فرق بينهما النبي(صلى الله عليه وآله).
ومن تأكد له هذا ثم أراد أن يجعل [الحَيِّزَين] حيِّزًا واحدًا فقد اتّهم النبي(صلى الله عليه وآله) بعدم الإنصاف، مثلما اتهمه ذو الخويصرة يوم حنين!
ونعوذ بالله أن نردَّ حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله)أو نؤوله على غير مراده (صلى الله عليه وآله)، ذلك المراد الذي يظهر بوضوح من لفظ الحديث الصريح)!!
وقال في هامشه: (ويدخل في [الناس] الطلقاء ومن بعدهم جزمًا ولا يدخلون في [الأصحاب]،… ومن علامات النواصب أنه لا يهمهم هؤلاء، وإنما يعز عليهم خروج [الطلقاء] من الصحبة الشرعية! ولذلك لا تجدهم يدافعون عن المسلمين في العهد المكي الذين لم يهاجروا ولا يبرّؤونهم، إنما تنصبُّ كتاباتهم في الدفاع عن الطلقاء! مما يبين لنا بوضوح أن بعض الأفكار عندنا تشكلت بداياتها في ظل السلطة الأموية! لذا كانت هذه الأفكار تحمل بصمات السياسة الأموية! وهناك بعض المعتقدات من وضع السياسة الأموية أو تشجيعها أو توفيرها لجو تلك المعتقدات ومنها مسألة: [الإمساك عما شجر بين الصحابة] و[عدالة كل الصحابة] وعقوبة سابّ الصحابي بأنها أشد من عقوبة سابّ الله عز وجل… ونحو هذا من المعتقدات التي لا يدافعون بها عن علي وعمار وابن عديس، ضد من سبّهم من بني أمية وأشياعهم من النواصب! وإنما يدافعون بها عن “معاوية” و”الوليد” و”بسر” و”الحَكَم” ونحوهم ضد من سبهم أو ذم سيرتهم من الشيعة أو من أهل السنة أيضًا كعبيد الله بن موسى وابن عبد البر وعبد الرزاق الصنعاني وغيرهم من كبار علماء أهل السنة)!!
وقال في ص47: (الدليل الثاني عشر: قول النبي(صلى الله عليه وآله): [المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة]، أقول: وهذا الحديث واضح في أن طلقاء قريش وعتقاء ثقيف ليسوا من المهاجرين ولا من الأنصار! وعلى هذا فلا يستحقون الفضائل التي نزلت في فضل المهاجرين والأنصار، وعلى هذا لا يجوز لنا أن نخلط الأمور ونقدم من أخَّره الله ورسوله، أو نؤخِّر من قدّمه الله ورسوله). انتهى.
أقول: يحرص أتباع بني أمية والخلافة القرشية، على طمس هذه الحقائق، وهي كبيرة وأساسية في فهم تركيبة الأمة وفئاتها كما حددها رسول الله(صلى الله عليه وآله):
فأوّلُ أمّتِه عترته الطاهرة(عليهم السلام)الذين جعلهم الله تعالى عِدلَ القرآن، ويليهم أتباعهم من الصحابة الأبرار، فهؤلاء هم حلف إيماني وحيِّزٌ بحكم الله تعالى. وبقية الناس حلف وحيِّز، قريبٌ من الأمة أو بعيد، حسب عقيدتهم وعملهم.
الشيخ علي كوراني [4]
************************************
[1] ورواه في تاريخ دمشق:59/145؛ وأسد الغابة:4/387؛ وكنز العمال:5/735، و:12/681، عن ابن سعد؛ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص113؛ والغدير:7/144، و10 ص 30؛ ونفحات الأزهار:5/350.
[2] ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ص2739؛ والسخاوي في التحفة اللطيفة ص552.
[3] سورة الأنفال:72 .
[4] مفكر إسلامي وباحث في شؤون العقيدة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى