إسئلنا

إختصاص آية التطهير بأصحاب الكساء…

ليس الشيعة وحدهم من ذهب إلى اختصاص آية التطهير بأصحاب الكساء «عليهم السلام»، وإنما جمهور علماء أهل السنة قالوا بذلك، قال ابن حجر في كتابه الصواعق: (أكثر المفسرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين لتذكير ضمير عنكم وما بعده)1.

وقال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» تحت عنوان: «باب بيان مشكل ما روي عنه «صلى الله عليه وآله وسلّم» في المراد بقول الله: ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2من هم؟» قال: (حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حاتم ابن إسماعيل، حدثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال:
لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: «اللهم هؤلاء أهلي»).
ثم قال الطحاوي: (ففي هذا الحديث أنّ المرادين بما في هذه الآية هم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» وعلي وفاطمة وحسن وحسن).
ثم قال: (حدثنا فهد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير ابن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن عبد الرحمن البجلي، عن حكيم بن سعد، عن أم سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» وعلي وفاطمة وحسن وحسين  ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2.
ثم قال الطحاوي: (ففي هذا الحديث مثل الذي في الأول»)3.
وقال بعد أن ذكر مجموعة من الرّوايات لحديث الكساء من طريق أم المؤمنين أم سلمة «رضوان الله تعالى عليها»: (فدل ما رويناه في هذه الآثار مما كان من رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» إلى أم سلمة، مما ذكر فيها لم يرد به أنّها كانت ممن أريد به ما في الآية المتلوة في هذا الباب، وأنّ المرادين فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» وعلي وفاطمة وحسن وحسين دون من سواهم)4.
وقال العلامة يوسف بن موسى الحنفي «أبو المحاسن»: (روي أن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» لما نزلت هذه الآية ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي. وروي أنّه جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جأر إلى الله تعالى: رب هؤلاء أهلي، قالت أم سلمة: يا رسول الله فتدخلني معهم؟ قال: أنت من أهلي، يعني من أزواجه كما في حديث الإفك: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، لا أنها أهل الآية المتلوة في هذا الباب.
يؤيده ما روي عن أم سلمة أن هذه الآية نزلت في بيتي فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: أنت على خير، إنّك من أزواج النبي، وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين.
وما روي أيضاً عن واثلة بن الأسقع أنه قال: أتيت عليّاً فلم أجده، فقالت فاطمة: انطلق إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» يريده قال: فجاء مع رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» فدخلا ودخلت معهما، فدعا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» الحسن والحسين وأقعد كل واحد منهما على فخذه، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها، ثم لف عليهم ثوباً وأنا منتبذ، ثم قال:   ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2، ثم قال: اللهم هؤلاء أهلي، اللهم هؤلاء أهلي، إنّهم أهل حق، فقلت: يا رسول الله وأنا من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي، قال واثلة: فإنّها من أرجى ما نرجو، وواثلة أبعد من أم سلمة لأنه ليس من قريش، وأم سلمة موضعها من قريش موضعها، فكان قوله «صلى الله عليه وآله وسلّم» لواثلة: أنت من أهلي لإتباعك إيّاي وإيمانك بي، وأهل الأنبياء متّبعوهم، يؤيده قوله تعالى لنوح:  ﴿ … إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ … ﴾ 5، فكما خرج ابنه بالخلاف من أهله، فكذلك يدخل المرء في أهله بالموافقة على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبته.
والكلام لخطاب أزواج النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم»، تمّ عنـد قـوله ﴿ … وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ … ﴾ 2، وقوله تعالى:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2استئناف تشريفاً لأهل البيت وترفيعاً لمقدارهم، ألا ترى أنه جاء على خطاب المذكر فقال:﴿ … عَنْكُمُ …﴾ 2 ولم يقل (عنكن)، فلا حجة لأحد في إدخال الأزواج في هذه الآية.
يدل عليه ما روي أن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» كان إذا أصبح أتى باب فاطمة فقال: السلام عليكم أهل البيت ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 26.
وقال العلامة حسن بن علي السقاف: (وأهل البيت هم سيدنا علي والسيدة فاطمة، وسيدنا الحسن، وسيدنا الحسين، وذريتهم من بعدهم ومن تناسل منهم للحديث الصحيح الذي نص النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» فيه على ذلك، ففي الحديث الصحيح: نزلت هذه الآية على النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم»﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2في بيت أم سلمة فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت مكانك، وأنت إلى خير)7.
وقال في هامش صفحة ٦٥٧ من كتابه «صحيح شرح العقيدة الطحاوية» وهو يرد على الشيخ الألباني في قوله: (وتخصيص الشيعة أهل البيت في الآية بعلي وفاطمة والحسن والحسين «رضي الله عنهم» دون نسائه «صلى الله عليه وآله وسلّم» من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصاراً لأهوائهم كما هو مشروح في موضعه)، فقال رداً عليه: (وهذا من تلبيساته وتمحله في رد السنة الثابتة في تفسيره لأهل البيت، وهو بهذا أراد أن يلبس على القارئ بأن من قال أنّ أهل البيت هم أهل الكساء أنهم الشيعة!
والحق أن من قال ذلك جميع أهل السنة والجماعة، وقبلهم الذي لا ينطق عن الهوى «صلى الله عليه وآله وسلّم»، ولكن هذا هو النصب الذي يفضي بصاحبه إلى ما ترى كما شرحنا في موضعه).
أقول:
إنّ رد العلامة حسن بن علي السقاف لكلام الألباني قوي، فالحديث النبوي الصحيح عندهم وعندنا يحصر المقصودين بأهل البيت في الآية بعلي وفاطمة والحسن والحسين «عليهم السلام»، وقد ثبت عندنا عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال بعد الحسن والحسين: وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي.
أما قول السقاف: «وذريتهم من بعدهم ومن تناسل منهم» فلم تدل عليه حتى رواية واحدة، بل الدليل العقلي والنقلي على ضده، إذ كيف يكون كل من تناسل من ذرية علي وفاطمة «عليهما السلام» مطهّراً من المعاصي، وفيهم الفسّاق والفجّار؟!.
وقال العلامة أبو بكر الحضرمي في «رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي»: (والذي قال به الجماهير من العلماء وقطع به أكابر الأئمة، وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة أن أهل البيت المرادين في الآية هم: سيدنا علي وفاطمة وابناهما، إذ المصير إلى تفسير من أنزلت عليه الآية متعيّن.
فإنّه صلوات الله وسلامه عليه وآله هو الذي فسّرها بأنّ أهل بيته المذكورين في الآية الكريمة هم: علي وفاطمة وابناهما؛ بنص أحاديثه الصحيحة الواردة عن أئمة الحديث المعتد بهم رواية ودراية)8.
وقال أيضاً: (والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منها يعلم قطعاً أن المراد بأهل البيت هم علي وفاطمة وابناهما «رضوان الله عليهم».
ولا التفات إلى ما ذكره صاحب «روح البيان» من أن تخصيص الخمسة المذكورين «عليهم السلام» بكونهم أهل البيت هو من أقوال الشيعة لأنّ ذلك محض تهوّر يقتضي بالعجب!، وبما سبق من الأحاديث وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح لذي عينين)9.
وقال العلامة الشوكاني في «إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول» وهو يرد على من قال بأن الآية في نساء النبي «صلى الله عليه وآله»: (وأجيب بأن سياق الآية يفيد أنّه في نسائه، ويجاب عن هذا بأنه ورد بالدليل الصحيح أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين)10.
وقال السمهودي في «جواهر العقدين»: (وهؤلاء هم أهل الكساء فهم المراد من الآيتين – آية المباهلة وآية التطهير-)11.
وقال ابن عساكر في كتابه «الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين» بعد أن ذكر رواية عن أم سلمة قالت فيها: (وأهل البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين).
قال: (هذا حديث صحيح).
ثم قال: (وقولها وأهل البيت هؤلاء الذين ذكرتهم إشارة إلى الذين وجدوا في البيت في تلك الحالة، وإلاّ فآل رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» كلهم من أهل البيت، والآية نزلت خاصة في هؤلاء المذكورين والله أعلم)12.
وقال العلامة سيدي محمد جسوس في «الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية»: (ثم جاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معهم، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال:   ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2، وفي ذلك إشارة إلى أنّهم المراد بأهل البيت في الآية)13.
وقال العلامة محمد أحمد بنيس في «لوامع أنوار الكوكب الدري»:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2 أكثر المفسرين أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين «رضي الله عنهم»)14.
وقال توفيق أبو علم في كتابه «أهل البيت» وهو يرد على عبد العزيز البخاري: (أمّا قوله: أنّ آية التطهير المقصود بها الأزواج فقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أنّ المقصود من أهل البيت هم العترة الطاهرة لا الأزواج)15.
وقال الشيخ حسن بن فرحان المالكي في كتابه «مع الشيخ عبد الله السعد في الصحبة والصحابة» – وهو يرد على من زعم عدم اختصاص آية التطهير بأصحاب الكساء -: (… ثم فسّر أهل البيت المرادين في الآية بأنّهم أزواجه وذريته وأقاربه، مع أنّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» قد قصر ذلك على الأربعة علي وفاطمة والحسن والحسين كما في حديث مسلم.
ولمّا أرادت أم سلمة الدخول معهم في الكساء قال: إنّك إلى خير، ولم يأذن لها، وهذا إخراج واضح للزوجات، وقد أخرجهن زيد بن أرقم أيضاً، والنبي خير من فسّر القرآن والاستدلال بسياق القرآن ليس على إطلاقه).
إلى أن قال: (على أية حال يمكن أن يقال أنّ مفهوم أهل البيت فيها خصوص وعموم، فأخص أهل البيت هم الأربعة علي وفاطمة والحسن والحسين، أما العموم فيدخل فيه بنو هاشم وزوجات النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» وسائر بناته الأخريات وزيد بن حارثة وابنه أسامة ومولاتهم أم أيمن.
لكن آية التطهير يبدو أنّها خاصة بالأربعة يدل عليه حديث الكساء، فالنبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» – كما سبق – أفضل من فسّر المراد من الآية، وقد حصرها في الأربعة)16.
وقال ابن الصباغ المالكي: (أهل البيت على ما ذكر المفسّرون في تفسير آية المباهلة وعلى ما روي عن أم سلمة هم: النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» وعلي وفاطمة والحسن والحسين)17.
وقال الحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في «كفاية الطالب»: (بل الصحيح أنّ أهل البيت علي وفاطمة والحسنان «عليهم السلام» كما رواه مسلم بإسناده عن عائشة أن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» خرج ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2.
وهذا دليل على أن أهل البيت هم الذين ناداهم بقوله أهل البيت وأدخلهم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» في المرط)18.
وقال الشيخ سليمان القندوزي: (أكثر المفسرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين لتذكير ضمير عنكم ويطهركم)19.
وقال ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز: (وقالت فرقة هي الجمهور: «أهل البيت» علي وفاطمة والحسن والحسين، وفي هذا أحاديث عن النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم»، قال أبو سعيد الخدري: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم»: نزلت هذه الآية في خمسة؛ فيَّ وفي علي وفاطمة والحسن والحسين «رضي الله عنهم»، ومن حجة الجمهور قوله﴿ … عَنْكُمُ … ﴾ 2و﴿ … وَيُطَهِّرَكُمْ … ﴾ 2بالميم، ولو كان النساء خاصة لكان «عنكن»)20.
وقال الآجري: (باب ذكر قول الله عزّ وجل:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2، قال محمد بن الحسين «رحمه الله»: هم الأربعة الذين حووا جميع الشرف وهم: علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين «رضي الله عنهم»)21.
وقال نظام الدين ابن عطية في غرائب القرآن ورغائب الفرقان: (وأهل البيت نصب على النداء، أو على المدح، وقد مر في آية المباهلة أنّهم أهل العباء؛ النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» لأنه أصل، وفاطمة «رضي الله عنها» والحسن والحسين «رضي الله عنهما» بالاتفاق، والصحيح أن علياً «رضي الله عنه» منهم لمعاشرته بنت النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» وملازمته إياه)22.
نعم قال عقيب كلامه هذا: (وورود الآية في شأن أزواج النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» يغلب على الظن دخولهن فيه، والتذكير للتغليب، فإن الرجال وهم النبي وعلي وأبناؤهم غلبوا على فاطمة وحدها أو مع أمهات المؤمنين)22.
قلت: كما ترى أنّ نظالم الدين النيسابوري غير جازم في دخول نساء النبي «صلى الله عليه وآله» مع أهل البيت في الآية وإنّما يظن ذلك، لزعمه أن الآية في شأن النساء، والظن لا يغني من الحق شيئاً، فقد أثبتنا بالدليل أن الآية نزلت لوحدها وأنّ النبي «صلى الله عليه وآله» حدد مصاديق أهل البيت فيها بأهل الكساء خاصة.
وقال ابن النجار الحنبلي: (وأهل البيت هم: علي وفاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» ونجلاهما هما حسن وحسين «رضي الله تعالى عنهم»، لما في الترمذي أنّه لما نزل قوله تعالى:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2أدار النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» الكساء وقال: هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)23.
وقال الصفدي: (الحسين بن علي بن أبي طالب «رضي الله عنهما» ريحانة رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» وابن ابنته فاطمة «رضي الله عنها»، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، هو وأخوه وأمه وأبوه أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)24.
وقال ابن حجر: (وفي ذكر «البيت» معنى آخر، لأنّ مرجع أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» إليها، لما ثبت في تفسير قوله تعالى:  ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ … ﴾ 2 قالت أم سلمة: لما نزلت دعا النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» فاطمة وعليّاً والحسن والحسين فجللهم بكساء فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي… الحديث، أخرجه الترمذي وغيره ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة، لأنّ الحسنين من فاطمة، وفاطمة بنتها وعلي نشأ في بيت خديجة وهو صغير، ثم تزوج بنتها بعدها فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها)25.
وقال الذهبي: (وفي فاطمة وزوجها وبنيها نزلت:﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2فجللهم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلّم» بكساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي)26.
وقال أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي: (وقراءة النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» هذه الآية ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 2دليل على أنّ أهل البيت المعنيون في الآية هم المغطون بذلك المرط في ذلك الوقت)27 28.

  • 1. الصواعق المحرقة ٢/٤٢١.
  • 2. a. b. c. d. e. f. g. h. i. j. k. l. m. n. o. p. q. r. s. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 3. شرح مشكل الآثار ٢/٢٣٥- ٢٣٧.
  • 4. شرح مشكل الآثار ٢/٢٤٤- ٢٤٥.
  • 5. القران الكريم: سورة هود (11)، الآية: 46، الصفحة: 227.
  • 6. معتصر المختصر ٢/٢٦٦-٢٦٧.
  • 7. صحيح شرح العقيدة الطحاوية صفحة ٦٥٥.
  • 8. رشفة الصادي، صفحة ٢٣-٢٤.
  • 9. رشفة الصادي، صفحة ٣٥.
  • 10. إرشاد الفحول ٨٣، البحث الثامن من المقصد الثالث.
  • 11. جواهر العقدين ٢/٢٨.
  • 12. الفوائد الجليلة البهيّة على الشمائل المحمّدية صفحة٨٢.
  • 13. الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين، صفحة ١٠٦.
  • 14. لوامع أنوار الكوكب الدري ٢/٨٦.
  • 15. أهل البيت صفحة ٣٥.
  • 16. مع الشيخ عبد الله السعد في الصحبة والصحابة، صفحة ٢٨٨.
  • 17. الفصول المهمة، صفحة ٢٣.
  • 18. كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، صفحة ٤٩.
  • 19. ينابيع المودة ٢/٤٢٩.
  • 20. المحرر الوجيز ٤/٣٨٤.
  • 21. الشريعة للآجري ٤/٣٧٨.
  • 22. a. b. غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٥/٤٦٠.
  • 23. شرح الكوكب المنير ٢/٢٤١-٢٤٣.
  • 24. الوافي بالوفيات ١٢/٢٦٢.
  • 25. فتح الباري ٧/١٣٨.
  • 26. تاريخ الإسلام ٣/٤٤.
  • 27. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٦/٣٠٢-٣٠٣.
  • 28. المصدر كتاب “آية التطهير فوق الشبهات” للشيخ حسن عبد الله العجمي.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى