نور العترة

أحقيّة الخلافة…

نص الشبهة: 

يزعم الشيعة أنّ عليّاً كان أحقّ الناس بالإمامة لثبوت فضله على جميع الصحابة، ولكثرة فضائله دونهم، فنقول: هبكم وجدتم لعليّ (عليه السلام) فضائل معلومة كالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسعة العلم والزهد، فهل وجدتم مثل ذلك للحسن و الحسين حتى تفضلونهما؟!

الجواب: 

حاول جامع الأسئلة التظاهر بالخضوع وقبول وجود فضائل ومناقب لعليّ (عليه السلام) لكي ينفي فضائل ومناقب سيّدي شباب أهل الجنّة وريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
إنّنا نثبت أفضليّة هذين الإمامين الهُمامين على الأشخاص المذكورين بدلائل قاطعة يقبلها علماء أهل السنّة، بل إنّنا نعتبر هذا النوع من المقارنة انتقاصاً من مقام هذين الإمامين المعصومين (عليه السلام).
فنقول: هل نزلت آية التطهير في حقّ الحسن والحسين (عليهما السلام) أم في حقّ أُولئك الثلاثة؟!
ينقل مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: «خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) غداةً وعليه مرط مُرحل، من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليّ فأدخله، ثمّ قال: ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 1 2.
وهل نزلت آية المباهلة في حقّ الحسن والحسين (عليه السلام) وأُمّهما بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمّه العزيز، أم نزلت في حقّ أُولئك الأشخاص الثلاثة؟! في حين أنّ اصطحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل بيته لمباهلة نجران كانت علامة واضحة على أنّه لم يكن هناك شخص واحد بين جميع المسلمين مُستجاب الدعاء سوى هؤلاء الأربعة من أهل بيته، وإلاّ لاصطحبه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بدلهم.
وينقل مسلم في صحيحه ما قاله معاوية لسعد بن أبي وقّاص: «ما منعك أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلن أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبُّ إليَّ من حمر النعم؛ سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له حينما خلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: يا رسول الله خلّفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي… ولمّا نزلت هذه الآية: ﴿ … فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ … ﴾ 3 دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهم هؤلاء أهلي» 4.
فهل هذه الفضائل وردت في حقّ الأشخاص الثلاثة المذكورين؟!
إنّ من وظائف المسلمين مودة أهل البيت وبالتالي التأسّي بهم لكي يتمكنوا من الوصول إلى الكمالات التي كان أهل البيت يتمتّعون بها. وقد نزلت آية المودّة تأمر بمودّتهم كثمن قليل في حقّهم على الرسالة التي جاء بها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت سبباً في هداية المسلمين، قال تعالى: ﴿ … قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ … ﴾ 5 6.
فهل مودّة الأشخاص الثلاثة وحبّهم يُعدّ أيضاً أجراً على الرسالة؟!
ينقل البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال بحق الحسين (عليه السلام): «اللّهمَّ إنّي أحبّه فأحبّه، وأحبب مَن يُحبّه».
وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واضعاً الحسن بن عليّ على عاتقه وهو يقول: «اللّهُمَّ إنّي أحبّه فأحبّه» 7.
ونحن هنا لا نريد التحدّث عن «سعد بن أبي وقّاص» الذي تمرّد على بيعة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) حينما بايعه المهاجرون والأنصار.
وأمّا عبد الرحمن بن عوف الزُهري فقد اكتسب ثروة طائلة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المسلمين الأوائل، وذلك على إثر انتخابه لعثمان للخلافة من بين الأشخاص الستّة الذين عيّنهم عمر بن الخطّاب، حيث بلغت ثروته لدرجة أنّ كلّ واحدة من زوجاته الأربعة ـ بعد وفاته ـ أخذت ثمانين ألف دينار، كربع الثمن من ثروته بعد موته، وما عليك إلاّ أن تقرأ بالتفصيل ما أجملناه. فلقد وصل الأمر بكثرة السبائك الذهبيّة التي تركها عبد الرحمن بن عوف إلى أن تمّ تكسيرها بالفؤوس ومَجُلَتْ أيدي حملة تلك الفؤوس 8.
يحدث هذا كلّه في وقت كان الكثير من المسلمين بالمدينة وأطرافها لا يجدون قطعة خبز يرفعون بها ألم الجوع!!
ولا نقول شيئاً حول عبد الله بن عمر، فقد كان يُعد في جانبي الإدارة والسياسة عاجزاً وتنقصه الكفاءة والخبرة باعتراف أبيه؛ فحينما أشار عليه بعضهم باستخلاف ولده عبد الله، قال: كيف استخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته!! 9.
وعلى أيّ حال، فنحن نترحّم على جميع أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ما عدا أُولئك الذين أظهروا العداوة لأهل بيت الرسالة (عليهم السلام)، وفي المقابل نجد أنّ جامع الأسئلة يحاول عبثاً الحطّ من مقام أهل البيت (عليهم السلام)، والرفع من شأن أعدائهم 10.

  • 1. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 2. صحيح مسلم: 7 / 130، باب فضائل أهل بيت النبيّ، برقم 2424.
  • 3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 61، الصفحة: 57.
  • 4. صحيح مسلم: 7 / 119، باب فضائل أهل بيت النبيّ، برقم 2404.
  • 5. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 23، الصفحة: 486.
  • 6. لاحظ: تفسير الطبري: 25 / 14؛ مستدرك الحاكم: 3 / 172 وغيرهما.
  • 7. صحيح البخاري: 4 / 216، برقم 3747؛ صحيح مسلم: 7 / 130، برقم 2421.
  • 8. طبقات ابن سعد: 3 / 96؛ صفة الصفوة لابن الجوزي: 1 / 138؛ الرياض النضرة: 2 / 291؛ تاريخ اليعقوبي: 2 / 146.
  • 9. سنن البيهقي: 7 / 324 ـ 325؛ تاريخ الطبري: 3 / 292.
  • 10. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى