
قوله تعالى : «وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُمٰاتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِهِ» في جمع الظلمات و إفراد النور إشارة إلى أن طريق الحق لا اختلاف فيه و لا تفرق و إن تعددت بحسب المقامات و المواقف بخلاف طريق الباطل.
و الإخراج من الظلمات إلى النور إذا نسب إلى غيره تعالى كنبي أو كتاب فمعنى إذنه تعالى فيه إجازته و رضاه كما قال تعالى: « كِتٰابٌ أَنْزَلْنٰاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ اَلنّٰاسَ مِنَ اَلظُّلُمٰاتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ» : (إبراهيم: ١) فقيد إخراجه إياهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ليخرج بذلك عن الاستقلال في السببية فإن السبب الحقيقي لذلك هو الله سبحانه و قال: « وَ لَقَدْ أَرْسَلْنٰا مُوسىٰ بِآيٰاتِنٰا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ اَلظُّلُمٰاتِ إِلَى اَلنُّورِ» : (إبراهيم: ٥) فلم يقيده بالإذن لاشتمال الأمر على معناه.
و إذا نسب ذلك إلى الله تعالى فمعنى إخراجهم بإذنه إخراجهم بعلمه و قد جاء الإذن بمعنى العلم يقال: أذن به أي علم به، و من هذا الباب قوله تعالى: « وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ» : (التوبة: ٣) «فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلىٰ سَوٰاءٍ» : (الأنبياء: ١٠٩)، و قوله: « وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ» : (الحج: ٢٧) إلى غيرها من الآيات.
و أما قوله تعالى : «وَ يَهْدِيهِمْ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فقد أعيد فيه لفظ الهداية لحيلولة قوله: « وَ يُخْرِجُهُمْ»، بين قوله «يَهْدِي بِهِ اَللّٰهُ»، و بين هذه الجملة، و لأن الصراط المستقيم كما تقدم بيانه في سورة الفاتحة طريق مهيمن على الطرق كلها فالهداية إليه أيضا هداية مهيمنة على سائر أقسام الهداية التي تتعلق بالسبل الجزئية.
و لا ينافي تنكير قوله: « صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ» كون المراد به هو الصراط المستقيم الوحيد الذي نسبه الله تعالى في كلامه إلى نفسه إلا في سورة الفاتحة لأن قرينة المقام تدل على ذلك، و إنما التنكير لتعظيم شأنه و تفخيم أمره.
الميزان في تفسير القرآن
ج ٥ ص ٢٤٤.
__
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT


