
و هذا الغرور و الإعجاب الذي يبعث الإنسان إلى تزكية نفسه هو العجب الذي هو من أمهات الرذائل، ثم لا يلبث هذا الإنسان المغرور المعتمد على نفسه دون أن يمس غيره فيتولد من رذيلته هذه رذيلة أخرى، و هي رذيلة التكبر و يتم تكبره في صورة الاستعلاء على غيره من عباد الله فيستعبد به عباد الله سبحانه، و يجري به كل ظلم و بغي بغير حق و هتك محارم الله و بسط السلطة على دماء الناس و أعراضهم و أموالهم.
و هذا كله إذا كان الوصف وصفا فرديا و أما إذا تعدى الفرد و صار خلقا اجتماعيا و سيرة قومية فهو الخطر الذي فيه هلاك النوع و فساد الأرض، و هو الذي يحكيه تعالى عن اليهود إذ قالوا: لَيْسَ عَلَيْنٰا فِي اَلْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ : «آل عمران: ٧٥».
فما كان لبشر أن يذكر لنفسه من الفضيلة ما يمدحها به سواء كان صادقا فيما يقول أو كاذبا لأنه لا يملك ذلك لنفسه لكن الله سبحانه لما كان هو المالك لما ملكه، و المعطي الفضل لمن يشاء و كيف يشاء كان له أن يزكي من شاء تزكية عملية بإعطاء الفضل و إفاضة النعمة، و أن يزكي من يشاء تزكية قولية يذكره بما يمتدح به، و يشرفه بصفات الكمال كقوله في آدم و نوح: إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً : «آل عمران: ٣٣»، و قوله في إبراهيم و إدريس: إِنَّهُ كٰانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا : «مريم: ٤١، ٥٦»، و قوله في يعقوب: وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمٰا عَلَّمْنٰاهُ : «يوسف: ٦٨»، و قوله في يوسف: إِنَّهُ مِنْ عِبٰادِنَا اَلْمُخْلَصِينَ : «يوسف: ٢٤»، و قوله في حق موسى: إِنَّهُ كٰانَ مُخْلَصاً وَ كٰانَ رَسُولاً نَبِيًّا : «مريم: ٥١»، و قوله في حق عيسى: وَجِيهاً فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ : «آل عمران: ٤٥»، و قوله في سليمان و أيوب: نِعْمَ اَلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّٰابٌ : « ص: ٣٠، ٤٤»، و قوله في محمد ص: إِنَّ وَلِيِّيَ اَللّٰهُ اَلَّذِي نَزَّلَ اَلْكِتٰابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى اَلصّٰالِحِينَ : «الأعراف: ١٩٦»، و قوله: وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ : «القلم: ٤»، و كذا قوله تعالى في حق عدة من الأنبياء ذكرهم في سور الأنعام و مريم و الأنبياء و الصافات و _ ص و غيرها.
الميزان في تفسير القرآن
ج٤ ص٣٧١.
__
مدرسة أهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT


