
و لما كان بين الشعراء أناس مخلصون هادفون و أهل أعمال لا أقوال، و دعاة نحو الحق و الصدق «و إن كان مثل هؤلاء الشعراء قليلا يومئذ». فالقرآن من أجل ألاّ يضيع حق هؤلاء الشعراء المؤمنين المخلصين الصادقين، استثناهم عن بقية الشعراء، فقال عنهم: إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ .
هؤلاء المستثنون من الشعراء لم يكن هدفهم الشعر فحسب، بل يهدفون في شعرهم أهدافا الهية و انسانية، و لا يغرقون في الأشعار فيغفلون عن ذكر اللّه، بل كما يقول القرآن: وَ ذَكَرُوا اَللّٰهَ كَثِيراً .
و أشعارهم تذكر الناس باللّه أيضا… و إذا ما ظلموا كان شعرهم انتصارا للحق وَ اِنْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مٰا ظُلِمُوا .
فإذا هجوا جماعة هجوهم من أجل الحق و دفاعا عن الحق الذي يهجوه أولئك فيذبون عنه…
و هكذا فقد بيّن القرآن أربع صفات للشعراء الهادفين، و هي الإيمان، و العمل الصالح، و ذكر اللّه كثيرا، و الانتصار للحق من بعد ما ظلموا، مستعينين بشعرهم في الذب عنه…
و حيث أن معظم آيات هذه السورة هو للتسلية عن قلب النّبي، و التسرية عنه، و عن المؤمنين القلّة في ذلك اليوم في قبال كثرة الأعداء، و حيث أن كثيرا من آيات هذه السورة في مقام الدفاع عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ضد التهم الموجهة إليه من قبل أعدائه، و غير اللائقة به فإن السورة تختتم بجملة ذات معنى غزير، و فيها تهديد لأولئك الأعداء الألدّاء، إذ تقول: وَ سَيَعْلَمُ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
و بالرغم من أن بعض المفسّرين أرادوا أن يحصروا هذا الانقلاب و العاقبة المرة للظالمين بنار جهنّم… إلا أنه لا دليل على تقييد ذلك و تحديده بها… بل لعله إشارة إلى هزائمهم المتتابعة و المتلاحقة في المعارك الإسلامية، كمعركة بدر و غيرها، و ما أصابهم من ضعف و ذلة في دنياهم، فمفهوم هذه الآية عام، بالإضافة إلى ذلك عذابهم و انقلابهم إلى النار في آخر المطاف.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج١١ ص٤٨٤.
__
مدرسة أهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT



