محاسن الكلام

{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَ لَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(١٤٧)} الأنعام

و لما كان عناد اليهود المشركين أمرا بيّنا، و كان من المحتمل أن يتصلّبوا و يتمادوا في تكذيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أمر اللّه تعالى نبيّه في الآية الأخرى أنّهم إن كذّبوه يقول لهم: إنّ ربّكم ذو رحمة واسعة فهو لا يسارع إلى عقوبتكم و مجازاتكم، بل يمهلكم لعلكم تئوبون إليه، و ترجعون عن معصيتكم، و تندمون من أفعالهم و تعودون إلى اللّه، فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وٰاسِعَةٍ‌ .

و لكن إذا أساءوا فهم أو استخدام هذا الإمهال الإلهي، و استمروا في كيل التهم فيجب أن يعلموا أنّ عقاب اللّه إيّاهم حتميّ لا مناص منه : وَ لاٰ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ اَلْقَوْمِ اَلْمُجْرِمِينَ‌ .

إنّ هذه الآية تكشف بوضوح عن عظمة التعاليم القرآنية، فإنّه بعد شرح و بيان كل هذه المخالفات التي ارتكبها اليهود و المشركون لا يعمد إلى التهديد بالعذاب فورا، بل يترك طريق الرجعة مفتوحا، و ذلك بذكر عبارات تفيض بالحب مثل قوله: «ربّكم» «ذو رحمة» «واسعة» أوّلا. حتى إذا كان هناك أدنى استعداد للرجوع و الإنابة في نفوسهم شوّقتهم هذه العبارات العاطفية على العودة إلى لطريق المستقيم.

و لكن حتى لا تبعث سعة الرحمة الإلهية هذه على التمادي في غيهم، و تتسبّب في تزايد جرأتهم و طغيانهم، و حتى يكفوا على العناد و اللجاج هدّدهم في آخر جملة من الآية بالعقوبة الحتمية.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج٤ ص٥٠٠.
__

مدرسة أهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام

للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى