منوعات

ضرورة وجود الحاكم في المجتمعات

الباحث: محمد حمزة الخفاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد:

تعد الحاجة الى الحاكم أو ما يعبر عنه بالقائد أو الأمير من ضروريات الحياة وإلا لكثر الهرج والمرج وهذه رؤية الإمام (عليه السلام) في الحياة، فالإمام (عليه السلام) يفضل حكومة ظالمة خير من الفتن فمن حكمة له (عليه السلام): (والٍ ظلومٌ غشومٌ خير من فتنة تدوم)[1].

فخلق الفوضى وإشعال الفتن بين الناس يؤدي إلى ضرر كبير يفوق تسلط الحاكم الظالم، فمن كلام له (عليه السلام) في الخوارج لما سمع قولهم ” لا حكم إلا لله ” قَالَ (عليه السلام): (كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ، نَعَمْ إِنَّه لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّه، ولَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا إِمْرَةَ، إِلَّا لِلَّه، وإِنَّه لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِه الْمُؤْمِنُ، ويَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، ويُبَلِّغُ اللَّه فِيهَا الأَجَلَ ويُجْمَعُ بِه الْفَيْءُ، ويُقَاتَلُ بِه الْعَدُوُّ وتَأْمَنُ بِه السُّبُلُ، ويُؤْخَذُ بِه لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ ويُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ([2]).

إذاً لا بد من وجود سلطة تحاسب الناس وتمنع حدوث الفوضى والجرائم، لأن أكثر الناس لا يرتدعون إلا بالقوة، وهنالك شواهد كثيرة في زماننا هذا حول الفتن وما حل بالشعوب، فقد عمت الفوضى في كثير من البلدان.

وجاء في الأثر: (دخل رجل المسجد فقال: لا حكم إلا لله – فقال علي (عليه السلام): (لاحكم الا للّه، إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) فما تدرون ما يقول هؤلاء ؟ يقولون: لا أمارة، أيها الناس إنه لا يصلحكم إلا أمير بر أو فاجر، قالوا: هذا البر قد عرفناه، فلما بال الفاجر؟ فقال: يعمل المؤمن ويملي للفاجر، يبلغ الله الاجل، ونأمن سبلكم، وتقوم أسواقكم، ويقسم فيئكم ويجاهد عدوكم ويؤخذ الضعيف من القوي أو قال: من الشديد – منكم)[3].

فهذه الأحاديث تبين ضرورة وجود القائد، وانه لا بد من ذلك، فعدم وجود القائد يخلق ازمات كثيرة ويسبب فساد المجتمع وتخلفه.

وقد حارب أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا الفكر وهؤلاء الزمر بيده ولسانه حتى قضى على أغلبهم.

وهذا الأمر أخبره به ورسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر الإمام (عليه السلام) بمحاربتهم فهؤلاء القوم أرادوا الفتنة كي يفعلوا ما يحلوا لهم من سلب ونهب وانتهاك للحقوق والأعراض.

وما أشبه فكر الخوارج بهؤلاء الدواعش فعلى الشعوب ان تتثقف وألَّا تترك مجال للفتنة كي تبقى شعوبها بمأمن فقد فشل الدواعش حربيا ولكنهم لا زالوا يحاولوا وبشتى الاساليب كي يتغلغلوا في صفوف المسلمين لعلهم يجدوا منفذا في تفرقة الشعوب فلا بد من محاربة هؤلاء فكريا وميدانيا.

والخلاصة:

على كل انسان يريد أن يعيش في ظل حكم إسلامي عادل أن يبدأ بتغيير نفسه ويستغفر الله ويتوب إليه فسبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: { اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }([4]).

فالعباد في غفلة وإن سبب الابتلاء والتسليط من أيديهم {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}([5])، فهنالك ذنوب مهلكة كظلم العباد بعضهم بعضا وكثرة الكلام والسبِّ والاستهزاء بالعلماء وغير ذلك من الذنوب الأخرى فكل هذه تأتي بالبلاء.

وسبحانه وتعالى يعاقب عباده لعلهم يرجعون إليه بالتوبة والمغفرة فإن تابوا تاب عليهم وإن اصروا وبقوا على حالهم سلط الله عليهم من لا يرحمهم.

جاء في كتاب شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام) قال (مالك بن دينار): ( وجدت في بعض الكتب يقول الله تعالى: (أنا ملك الملوك رقاب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، لا تشغلوا ألسنتكم بسب الملوك ولكن توبوا إلى الله يعطفهم عليكم)([6]).

والصلاة والسلام على مهدي الأمة بقية الله في ارضه ورحمة الله وبركاته.  

الهوامش:

[1] – عيون الحكم والمواعظ، علي بن محمد الليثي الواسطي، ص505.

[2] – نهج البلاغة، الخطبة: 40، ص82، من كلام له ( ع ) في الخوارج لما سمع قولهم ” لا حكم إلا لله “.

[3] – المصنف، ابن أبي شيبة الكوفي، ج8، ص741.

[4] – نوح: 10 – 12.

[5] – فصلت: 46.

[6] – شرح رسالة الحقوق : الإمام زين العابدين ( ع )، ص382.

المصدر: http://inahj.org

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى