
بسم الله الرحمن الرحيم
✍️ زكريا بركات
كان حذيفة بن اليمان عليلاً بالكوفة في سنة ستٍّ وثلاثين، فبلغه قتلُ عثمانَ وبيعةُ النَّاسِ لعليٍّ عليه السلام، فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعةً، فوُضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيِّ وعلى آله، ثمَّ قَال: أيها الناس؛ إنَّ الناس قد بايعوا عليّاً، فعليكم بتقوى الله وانصروا عليًّا ووازروه؛ فوالله إنَّه لعلى الحقِّ آخِراً وأوَّلاً، وإنَّه لخير مَن مضى بعد نبيِّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة، ثمَّ أطبق يمينه على يساره، ثمَّ قال: اللهم اشهد أنِّي قد بايعتُ عليًّا، وقال: الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم. وقال لابنَيْهِ صفوان وسعد: احملاني وكونا معه، فستكون له حروب كثيرة، فيهلك فيها خلقٌ من الناس، فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنَّه والله عَلَى الحقِّ، ومن خالفه عَلَى البَاطل، ومَات حذيفةُ بعد هذا اليوم بسبعة أيَّامٍ”.
انتهى بنصِّه من: مروج الذهب للمسعودي ج2 ص23 المطبعة البهية ـ مصر.
أقول: فالصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بايع الإمام عليًّا عليه السلام من غير حضور الإمام عنده، فقد كان الإمام في المدينة، وكان حذيفة في الكوفة، فوضع حذيفة يمناه على يُسراه وأشهد اللهَ على البيعة.
وكذلك يبايع شيعةُ أهل البيت إمام زمانهم المهديَّ المنتظر صلوات الله وسلامه عليه، حيث إنَّ للغيبة حكماً غير حكم الحضور.. ولو افترضنا أنَّ الإمام ظاهرٌ، فربما لا تتيسَّر مبايعته حضورياً للجميع، كما إنَّ الإمام عليًّا عليه السلام لم يكن غائباً، ولكنَّه بالنسبة لحذيفة كان غائباً.
ومن أوضح صور البيعة التي يمارسها الشيعة مراراً وتكراراً: ما يتلونه في دعاء العهد، حيث يقولون: “اللهم إني أُجدِّد في صبيحة يومي هذا وما عشتُ فيه من أيَّام حياتي عهداً وعقداً وبيعةً له في عُنقي، لا أحولُ عنها ولا أزولُ أبداً”.
فسلام الله على إمام زماننا المهدي المنتظر، وسلام الله على الصابرين الصامدين في انتظار فرجه الشريف.
والحمد لله رب العالمين.

