محاسن الكلام

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَ لٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(٤٤)}يونس

و لكن إعلم و ليعلم هؤلاء أنّ قصور الفكر هذا، و عدم البصيرة و العمى عن رؤية وجه الحق، و الصمم عن سماع كلام اللّه ليس شيئا ذاتيا لهم نشئوا عليه منذ ولادتهم، و إنّ اللّه تعالى قد ظلمهم، بل إنّهم هم الذين ظلموا أنفسهم بأعمالهم السيئة و عدائهم و عصيانهم للحق، و عطلوا بذلك عين بصيرتهم و أذن أفئدتهم عن سماع الحق و اتباعه، ف‍إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَظْلِمُ اَلنّٰاسَ شَيْئاً وَ لٰكِنَّ اَلنّٰاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‌ .

و هنا ينبغي الالتفات لملاحظتين:
١- ما نقرؤه في الآية الثّانية من أنّهم يستمعون إليك، و في الآية الثّالثة من أنهم ينظرن إليك، إشارة إلى أنّ جماعة من هؤلاء يسمعون هذا الكلام المعجز، و جماعة أخرى ينظرون إلى معجزاتك التي تدل كلها بوضوح على صدق كلامك و أحقية دعوتك، إلا أنّ أحدا من هاتين الفئتين لم ينتفع من استماعه أو نظره، لأنّ نظرهم لم يكن نظر فهم و إدراك، بل نظر انتقاد و تتبع عثرات و مخالفة.

و كذلك لا يستفيدون من استماعهم، لأنّهم لا يستمعون لإدراك محتوى الكلام، بل للعثور على ثغرات فيه لتكذيبه و إنكاره، و من المعلوم أن نيّة الإنسان ترسم شكل العمل و تغيّر من آثاره.

٢- جاءت في آخر الآية الثّانية جملة: وَ لَوْ كٰانُوا لاٰ يَعْقِلُونَ‌ و في آخر الآية الثّالثة جملة: وَ لَوْ كٰانُوا لاٰ يُبْصِرُونَ‌ و هي إشارة إلى أنّ الاستماع أي إدراك الألفاظ ليس كافيا بمفرده، بل إنّ التفكر و التدبر فيها لازم أيضا لينتفع الإنسان من محتواها. و كذلك لا أثر للنظر بمفرده، بل إنّ البصيرة و هي إدراك مفهوم ما يبصره الإنسان لازمة أيضا ليصل إلى عمقها و يهتدي.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج٦ ص٣٦٥.
__

الظلم
مدرسة أهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام

للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى