نص الشبهة:
يزعم الشيعة: أن معرفة الأئمة شرط لصحة الإيمان، فما قولهم فيمن مات قبل اكتمال الأئمة الإثني عشر؟! وما الجواب إذا كان الميت إماماً؟ وبعض أئمتكم لم يكن يعرف من هو الإمام بعده! فكيف جعلتم ذلك شرطاً للإيمان؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن المطلوب من الناس: هو أن يؤمنوا برسالة نبينا محمد «صلى الله عليه وآله»، وبالقرآن، وبكل ما جاء به «صلى الله عليه وآله» على ما هو عليه، وبتسليم كامل.
فيؤمنون بما كان قد نزل عليه، وكان قد بلَّغهم إياه تفصيلاً مباشرة أو بالواسطة، ويؤمنون بما سوف ينزل عليه، أو أنزل عليه، ولم يبلغهم بعد على سبيل الإجمال.. فمثلاً إن الذي يؤمن بالنبي «صلى الله عليه وآله» ثم يستشهد في بدر أو أحد، أو غيرها.. فإن إيمانه ليس ناقصاً، وإن مات قبل اكتمال نزول القرآن، وقبل تبليغ كثير من الأحكام. لأن الإيمان الإجمالي بما أتى وما سوف يأتي به حاصل، وهذا هو المطلوب.. إلا إن كان يضمر عدم تصديق النبي «صلى الله عليه وآله» في بعض ما يأتي به في المستقبل.. فإن هذا مما لا يتيسر الإطلاع عليه إلا لعلام الغيوب، فهو الذي يتولى حسابه.
ثانياً: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أبلغ الناس كلهم بأنه يكون بعده اثنا عشر خليفة أو إماماً، فمن عاش في زمن بعض الأئمة، وكان مؤمناً ببقيتهم على سبيل الإجمال، مصدقاً لرسول الله «صلى الله عليه وآله» فيما أخبر به عنهم، فهو صحيح الإيمان. تماماً كالذي يستشهد في حياة النبي «صلى الله عليه وآله»، وهو مصدق بكل ما أتى به ويأتي به..
ثالثاً: لم نعرف من هو الإمام الذي مات ولم يكن يعرف الإمام بعده.. فإن كنتم تقصدون به الإمام الصادق «عليه السلام»، لأنه أوصى عند وفاته لزوجته، وللخليفة، ولوالي المدينة، ولولده الأفطح، ولولده موسى، وكان المنصور قد أمر والي المدينة بقتل كل من يوصي إليه جعفر الصادق «عليه السلام» ، فلما رأى الوصية تحير في أمره، وقال: ما إلى مثل هؤلاء سبيل..
فإن كان هذا هو مقصود السائل، فمن الواضح: أن الإمام كان يريد بوصيته على هذا النحو التعمية على المنصور وعلى والي المدينة، لكي يصرفهم عن قتل الإمام من بعده.. وقد حصل له ما أراد..
ولكن أهل البصيرة والمعرفة قد عرفوا الإمام بعده بمجرد قراءتهم للوصية. فإن المنصور ووالي المدينة لا يمكن أن تكون الإمامة لأي منهما.. والمرأة لا تكون إماماً، وكذا الولد الذي يعاني من نقص في خلقته وهو عبد الله الأفطح، فانحصر الأمر بالإمام موسى الكاظم «عليه السلام»..
ونظن أن السائل قد وقع في الوهم بسبب عدم قدرته على فهم أمثال هذه القضايا التي كان يقصد بها صرف أنظار الحكام الظالمين عن الإمام الحقيقي، فتوهم أن الإمام نفسه لا يعرف الإمام بعده، مع أن الحقيقة هي ما قلناه..
رابعاً: إذا كان الميت هو الإمام، فإن حاله مع الأئمة الذين يأتون بعده يكون كحال عيسى «عليه السلام» الذي كان يعرف أنه سيأتي بعده نبي اسمه أحمد، وهو مؤمن به.. وليس في الفاصل الزماني بينه وبينه أي محذور، ولا يوجب أي اختلال في إيمان عيسى «عليه السلام» ولا في نبوته..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.
- 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ. ـ 2010 م، السؤال رقم (112).