نص الشبهة:
تزعم الشيعة أنّ أبا بكر وعمر اغتصبا الخلافة من عليّ (عليه السلام) وتآمرا عليه لكي يمنعوه منها. فلو كان الأمر كما ذكرتموه فما الذي دعا عمر إلى إدخاله في الشورى مع مَن أدخله فيها؟ ولو أخرجه منها كما أخرج سعيد بن زيد أو قصد إلى رجل غيره فولاّه ما اعترض عليه.
الجواب:
أوّلاً: الخليفة الثاني كان يريد من وراء تشكيله للشورى الوصول إلى مبتغاه بطريقة يستحسنها المجتمع الإسلامي، حتّى يقبلها المهاجرون والأنصار.
وأمّا إشراكه عليّاً (عليه السلام) في تلك الشورى فقد كان مُجبراً على فعل ذلك، لأنّ المهاجرين والأنصار يستحيل أن يقبلوا بشورى ليس فيها عليّ (عليه السلام).
وبعبارة أُخرى: أنّ علياً (عليه السلام) فرض نفسه على عمر وإلاّ لما أدخله في الشورى.
إذن، فعمر لم يُشرك علياً في الشورى خدمة له، بل خدمة لهدفه المرسوم.
ثانياً: انّ الذين لديهم رؤية تأريخيّة ثاقبة وموضوعيّة، يعلمون أنّ التركيبة التي تمّت بها عمليّة الشورى كانت بنحو يكون الفوز فيه لعليّ (عليه السلام) أمراً مستحيلاً؛ لأنّ عليّاً (عليه السلام) سيحصل على صوتين فقط، واحدٌ هو صوته (عليه السلام) والآخر هو صوت ابن عمّته الزبير بن العوّام. أمّا الأشخاص الأربعة الآخرون؛ يعني سعد بن أبي وقّاص وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفّان فقد كانوا كلّهم في الصفّ المخالف لعليّ (عليه السلام)، فتكون النتيجة معروفة من قبل وهي: صوتان لعليّ (عليه السلام) مقابل أربعة أصوات للطرف المخالف.
إذن فالعمليّة كانت لعبة سياسية محسوبة النتائج سلفاً، تُقصي عليّاً (عليه السلام) من جهة وتُرضي المهاجرين والأنصار من جهة أُخرى، وتحقّق هدف الفريق المخالف في الاستحواذ على الخلافة بدون خسائر تُذكر.
والضربة القاضية كانت عبارة عن الشرط الذي عُرِض على عليّ (عليه السلام) عن طريق عبد الرحمن بن عوف، وهو أن يسير بسيرة الشيخين، وقد كان واثقاً من أنّ علياً سيرفض هذا الشرط، فسوف يخلو الجو لمن كان هوى ابن عوف معه وهو عثمان 1.
- 1. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته.