
و قوله: وَ قٰالُوا حَسْبُنَا اَللّٰهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ أي كافينا الله و أصل الحسب من الحساب لأن الكفاية بحساب الحاجة، و هذا اكتفاء بالله بحسب الإيمان دون الأسباب الخارجية الجارية في السنة الإلهية و الوكيل هو الذي يدبر الأمر عن الإنسان، فمضمون الآية يرجع إلى معنى قوله: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ» الطلاق ٣، و لذلك عقب قوله: وَ قٰالُوا حَسْبُنَا اَللّٰهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ بقوله: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اَللّٰهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ «إلخ» ليكون تصديقا لوعده تعالى، ثم حمدهم إذ اتبعوا رضوانه فقال: و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم.
كلام في التوكل و حقيقة الأمر أن مضي الإرادة و الظفر بالمراد في نشأة المادة يحتاج إلى أسباب طبيعية و أخرى روحية و الإنسان إذا أراد الورود في أمر يهمه و هيأ من الأسباب الطبيعية ما يحتاج إليه لم يحل بينه و بين ما يبتغيه إلا اختلال الأسباب الروحية كوهن الإرادة و الخوف و الحزن و الطيش و الشره و السفه و سوء الظن و غير ذلك و هي أمور هامة عامة، و إذا توكل على الله سبحانه و فيه اتصال بسبب غير مغلوب البتة و هو السبب الذي فوق كل سبب قويت إرادته قوة لا يغلبها شيء من الأسباب الروحية المضادة المنافية فكان نيلا و سعادة.
و في التوكل على الله جهة أخرى يلحقه أثرا بخوارق العادة كما هو ظاهر قوله: «وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ» الآية، و قد تقدم شطر من البحث المتعلق بالمقام في الكلام على الإعجاز.
الميزان في تفسير القرآن
ج ٤ ص ٦٤.
__
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT