مقالات

علاقة تنبُّه القلبِ بقيام اللَّيل

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريَّا بركات
25 نوفمبر 2022


روى الشيخُ الكليني (رض) في الكافي ج2 ص54 برقم 1 ، بسند معتبر على التَّحقيق، عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال:

كان أميرُ المؤمنينَ (ع) يقولُ نَـبِّـهْ بالتَّفَكُّرِ قلبَك، وجافِ عنِ اللَّيلِ جَنْبَك، واتَّقِ اللهَ ربَّك. انتهى.

بيـانٌ:
كما إنَّ الإنسانَ يستخدمُ منبِّهاً ليوقظه، فكذلك القلبُ يحتاج إلى تنبيهٍ ليستيقظ من سُبات الغفلة، ومنبِّه القلب هو التفكُّر..

ولكن ما هي علاقة (تنبُّه القلب بالتفكُّر) بـ (قيام اللَّيل) الذي عُبِّر عنه بمجافاة الجَنْبِ عن اللَّيل؟

لا يبعد أن يكون هذا الاقترانُ بين الأمرين لما بينهما من علاقة سببيَّة؛ لأنَّ القلبَ المتنبِّهَ اليقِظَ سببٌ أساسٌ للاستيقاظ لصلاة اللَّيل، ولذلك فإنَّ المؤمن الَّذي وُفِّق للالتزام بقيام اللَّيل يُمكِنه عدُّ هذا الالتزامِ مؤشِّراً على سلامة القلب ويقظته، كما إنَّ إدراكه لمدى انشغاله بالتفكُّر يُمكِّنه من معرفة قيمة قيامه باللَّيل.

ويشهد للعلاقة بين الأمرين ما ورد في الرِّوايات الشريفة من التعبير عن عدم قيام اللَّيل بالغفلة، وما يربط بين القيام ومستوى العقل ومكنون القلب، ففي الكافي 2 : 540 بسند معتبر على التحقيق، عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ أَرَادَ شَيْئاً مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ مَضْجَعَهُ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ اللَّهُمَّ لَا تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ وَلَا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ وَلَا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغَافِلِينَ أَقُومُ سَاعَةَ كَذَا وَكَذَا إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مَلَكاً يُنَبِّهُهُ تِلْكَ السَّاعَةَ.

وفي الأمالي للصدوق (ص279) برقم9 ، بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال ـ ضمن حديث ـ : “ثمَّ يقول جلَّ جلاله لملائكته: يا ملائكتي؛ انظروا إلى عبدي، فقد تخلَّى بي في جوف اللَّيل المظلم، والبطَّالون لاهون، والغافلون نيام، اشهدوا أنِّي قد غفرت له…” الحديث.

وقال الشيخ المفيد في كتاب المقنعة (ص119) : “وقال الصادق عليه السلام: ليس من شيعتنا من لم يُصلِّ صلاة اللَّيل”. قال المفيد رضوان الله عليه: “يريد أنه ليس من شيعتهم المخلصين‏”. أقول: والتشيُّع والإخلاص ممَّا يرتبط بالعقل والقلب.

وفي بحار الأنوار 84 : 158 ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال في تعريف أهل النُّهى ـ أي العقول ـ : “المتهَجِّدونَ باللَّيلِ والنَّاسُ نِيام”.

وفي البحار 73 : 189 ، ومستدرك الوسائل 5 : 123 ، نقلاً عن مصباح الشريعة، عن الإمام الصادق عليه السلام: “مَنْ نامَ عن فريضةٍ أو سُنَّةٍ أو نافلةٍ فاتَهُ بسببها شيءٌ، فذلك نومُ الغافلينَ، وسيرةُ الخاسرينَ، وصاحبُه مَغبُون‏”.

أقول: وذلك واضح لمن أحسن التدبُّر، والحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى