مقالات

تقسيمات صفات الله تعالى بشكل عام

• الصفاتُ الجَماليّة والجَلاليَّة الذاتيّة
إِنَّ صفاته سبحانه تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية، أَوْ جمالية وجلالية.

فإِذا كانت الصفة مثبتة لجمال في الموصوف ومشيرة إلى واقعية في ذاته سميت “ثبوتية ذاتيّة” أَو “جمالية”. وإِذا كانت الصفة هادفة إلى نفي نقص وحاجة عنه سبحانه سميت “سلبية” أو “جلالية”.

فالعلم والقدرة والحياة من الصفات الثبوتية المشيرة إلى وجود كمال وواقعية في الذات الإِلهية. ولكن نفي الجسمانية والتحيز والحركة والتغير من الصفات السلبية الهادفة إلى سلب ما هو نقص عن ساحته سبحانه.

وقد أَشار صدر المتأَلهين إلى أنَّ هذين الإِصطلاحين “الجمالية” و”الجلاليَّة” قريبان مما ورد في الكتاب العزيز. قال سبحانه: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالاِْكْرَامِ﴾(الرحمن:78) فصفة الجلال ما جلّت ذاته عن مشابهة الغير، وصفة الإِكرام ما تكرمت ذاته بها وتجملت1. فيوصف بالكمال وينزّه بالجلال.

إِنَّ علماء العقائد حصروا الصفات الجمالية في ثمانية وهي: العلم، القدرة، الحياة، السمع، البصر، الإِرادة، التكلم، والغنى. كما حصروا الصفات السلبية في سبع وهي أنَّه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض وأنَّه غير مرئي ولا متحيز ولا حال في غيره ولا يتّحد بشيء.

غير أَنَّ النظر الدقيق يقتضي عدم حصر الصفات في عدد معين، فإِنَّ الحق أَنْ يقال إِنَّ الملاك في الصفات الجمالية والجلالية هو أَنَّ كل وصف يعد كمالا، فالله متصف به. وكل أَمر يعتبر نقصاً وعجزاً فهو منزَّه عنه، وليس علينا أَنْ نحصر الكمالية والجلالية في عدد معين.

وعلى ذلك يمكن إِرجاع جميع الصفات الثبوتية إلى وصف واحد والصفات السلبية إلى أَمر واحد. ويؤيد ما ذكرناه أَنَّ الأَسماء والصفات التي وردت في القرآن الكريم تفوق بأضعاف المرات العدد الذي ذكره المتكلمون.

وقد وقع الإِختلاف في بعض ما عُدّ من الصفات الثُّبوتية بأَنها هل هي من الصفات الثبوتيّة الذاتية أوْ الثبوتية الفعلية. كالتكلم والإِرادة، حتى أَنَّ بعض ما عدّ من الصفات الذاتية في بعض المناهج، ليس من صفات الذات قطعاً ككونه صادقاً بل من صفات الفعل.
• صفات الذات وصفات الفعل
قسم المتكلمون صفاته سبحانه إلى صفة الذات وصفة الفعل، والأَول ما يكفي في وصف الذات به، فرض نفس الذات فحسب، كالقدرة والحياة والعلم.

والثاني ما يتوقف توصيف الذات به على فرض الغير وراء الذات وهو فعله سبحانه.

فصفات الفعل هي المنتزعة من مقام الفعل، بمعنى أنَّ الذات توصف بهذه الصفات عند ملاحظتها مع الفعل، وذلك كالخلق والرزق ونظائرهما من الصفات الفعلية الزائدة على الذات بحكم انتزاعها من مقام الفعل. ومعنى انتزاعها، أَنَّا إِذْ نلاحظ النّعم التي يتنعم بها الناس، وننسبها إلى الله سبحانه، نسميها رزقاً رزقه الله سبحانه، فهو رزّاق. ومثل ذلك الرحمة والمغفرة فهما يطلقان عليه على الوجه الذي بيّناه.

وهناك تعريف آخر لتمييز صفات الذّات عن الفعل وهو أَنَّ كل ما يجري على الذات على نَسَق واحد (الإثبات دائماً) فهو من صفات الذات. وأَمَّا ما يجري على الذات على الوجهين، بالسلب تارة وبالإِيجاب أُخرى، فهو من صفات الأَفعال.

وعلى ضوء هذا الفرق فالعلم والقدرة والحياة لا تحمل عليه سبحانه إِلا على وجه واحد وهو الإِيجاب. ولكن الخلق والرزق والمغفرة والرحمة تحمل عليه بالإِيجاب تارة والسلب أُخرى. فتقول خَلَقَ هذا ولم يخلق ذلك. غفر للمستغفر ولم يغفر للمصرّ على الذنب.

وباختصار، إِنَّ صفات الذات لا يصحّ لصاحبها الإِتصاف بأضدادها ولا خلوه منها. ولكن صفات الفعل يصح الإِتصاف بأضدادها.

ثم إِنَّ الصفات الفعلية حيثيات وجودية نابعة من وصف واحد وهي القيومية، فإِنَّ الخلقَ والرزقَ والهدايةَ كلها حيثيات وجودية قائمة به سبحانه مفاضة من عنده بما هو قيوم.

• تقسيم آخر
و للصفات تقسيم آخر وهو تقسيمها إلى النفسية والإِضافية. والمراد من الأولى ما تتصف به الذات من دون أَنْ يلاحظ فيها الإِنتساب إلى الخارج ولا الإِضافة إليه، كالحياة. ويقابلها الصفات الإِضافية، وهي ما كان لها إِضافة إلى الخارج عن الذات، كالعلم بالمعلوم والقدرة على المقدور.

وعلى هذا المِلاكِ، فكل من النفسية والإِضافية تجريان على الذات وتحكيان عن واقعية فيه. 

وربما تُفَسِّر الإِضافيّةُ بالخالِقيّة والرازقيّة والعِلِّيَّة2. والأَولى تسميتها بالإِنتزاعية لا بالإِضافية، وتخصيص الإِضافية بما يقابل النفسِيّة.

• الصفات الخبرية
إِنَّ هناك اصطلاحاً آخر يختص بأَهل الحديث في تقسيم صفاته سبحانه فهم يقسمونها إلى ذاتية وخبرية. والمراد من الأُولى هو الصفات الكمالية ومن الثانية ما وصف سبحانه به نفسه في الكتاب العزيز من العلو، وكونه ذا وجه، ويدين، وأعين، إلى غير ذلك من الأَلفاظ الواردة في القرآن التي لو أُجريَتْ على الله سبحانه بمعانيها المتبادرة عند العرف لزم التجسيم والتشبيه.

هذه هي التقسيمات الرائجة في صفاته سبحانه. 

* الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج 1 . ص82-86. 


1- الأسفار، ج 6، ص 118.
2- الأَسفار، ج 6، ص 118.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى