محاضرات السيد عبدالملك الحوثي

الذكرى السنوية للشهيد 1440هـ

أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين، وعن الشهداء الأبرار.

شعبنا اليمني المسلم العزيز، أيها الإخوة والأخوات:

السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛

تأتي الذكرى السنوية للشهيد، ونحن على وشك الانتهاء من العام الرابع منذ بداية العدوان الأمريكي السعودي الغاشم على شعبنا المسلم العزيز، وعلى مدى هذه الأعوام قدم شعبنا في كل يومٍ قوافل الشهداء، وصولاً إلى الآلاف من الشهداء من خيرة أبنائه الأعزاء والأوفياء، الذين تحركوا من واقع الشعور بالمسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى- وبالدافع الفطري والإنساني والإيماني للتوجه نحو ميادين القتال والتصدي لهذا العدوان الظالم الغاشم.

وفي الذكرى السنوية نأتي لنتحدث في مثل هذه المناسبة المهمة والعزيزة، نستذكر هؤلاء الشهداء الذين لم يبرحوا أبداً من ذاكرتنا، ولا من وجداننا، ولا من مشاعرنا، فنحن نستذكرهم في كل يوم، ونحن- دائماً- نستفيد منهم الدروس العظيمة التي قدموها بأفعالهم وبأعمالهم وبتضحياتهم، قبل أن يقدموها بأقوالهم، ونحن- كذلك- نعيش معهم الكثير والكثير من الذكريات العظيمة والمهمة والمؤثرة بما كانوا عليه في وجودهم بيننا، ما كانوا عليه من أخلاق عظيمة ونبيلة، ومواقف مشرفة، ومسار حياة يتسم بالإيجابية والعطاء، ولكن في هذه الذكرى نتحدث عن الشهداء ونحن نمجد هذا العطاء، الذي هو أسمى عطاءٍ قدمه الإنسان، وأسمى ما يعبر عن حقيقة مصداقية الإنسان في انتماءه الإيماني، وانتماءه الإنساني، وانتماءه الوطني.

نحن- أيها الإخوة والأخوات- عندما نأتي لنستذكر الشهداء، ولنستفيد من هذه المناسبة كمحطة غنية بالدروس والعبر، ومحطة نتزود منها قوة العزم والإرادة، ونستشعر فيها قداسة المسؤولية، ونستشعر فيها مسؤوليتنا ونحن نسير في هذا الطريق، الذي قدمنا فيه هذه التضحيات، والذي قدم فيه أخيارنا وصفوتنا وأعزاؤنا وأحباؤنا أرواحهم وحياتهم، وأغلى ما يمتلكونه في سبيل الله -سبحانه وتعالى- ودفاعاً عن الأرض، والعرض، والشعب، والحرية، والاستقلال، والكرامة، وللحيلولة دون أن يتمكن الأعداء من قوى الشر والطاغوت والاستكبار من الوصل إلى أهدافهم بالسيطرة علينا، والاستعباد لنا من دون الله -سبحانه وتعالى- نستشعر قداسة المسؤولية لنواصل المشوار بعزم، ومسؤولية، واهتمام، وجد، ومثابرة، وبذل، وعطاء، وتضحية، واستقامة في هذا الطريق.

نحن عندما نأتي في ظل الوضع الراهن الذي نعيشه كشعبٍ يمنيٍ مسلم، وفي ظل الواقع على مستوى أمتنا بشكلٍ عام، وشعوب منطقتنا، وما تعيشه هذه المنطقة، وما تعيشه هذه البلدان وهذه الشعوب من محن كبيرة في هذا العصر، هي نتيجة لما تقدم عليه قوى الشر والطاغوت، وقوى النفاق والخيانة والعمالة، التي تواليها وتقف إلى جانبها وفي صفها، فنتج عن ذلك مآسٍ كبيرة في واقع أمتنا، والكثير والكثير من المشاكل على كل المستويات: على المستوى السياسي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الأمني، على المستوى العسكري… حتى باتت الوضعية التي تعيشها أمتنا وشعوبنا- لربما- أقسى وضعية في العالم بكله.

حتمية الصراع مع قوى الشر

هذه المأساة عندما نتحدث عنها يجب أن نعود من واقع انتمائنا للإسلام كشعوب مسلمة، وكشعبٍ يمنيٍ مسلم فيما يعانيه في مقدمة ما تعانيه هذه الأمة، وهو في الطليعة على مستوى المعاناة وعلى مستوى المسؤولية، نتحدث من واقع انتمائنا للإسلام، ماذا تعنيه لنا هذه الأحداث؟ ماذا يعنيه لنا هذا الصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار المعتدية والظالمة، والتي سودت صفحة الحياة بجرائمها البشعة والشنيعة والفظيعة، والتي أقلقت واقع الأمة بما جرت إليه وأتت به، وبما حركته من مشاكل وأزمات وفتن، ماذا يعني لنا كل ذلك، وما هو موقفنا تجاه ذلك؟

عندما نعود من واقع انتمائنا للإسلام إلى الله -سبحانه وتعالى- لنعلم منه -جلَّ شأنه- من خلال ما قدمه لنا في كتابه المبارك، في كتابه الكريم، في القرآن العظيم ما يوضح لنا حقيقة هذا الواقع، وما نعانيه فيه، وما تعنيه لنا كل هذه الأحداث، وما ينبغي أن نكون عليه، وما ينبغي أن تكون مواقفنا تجاه ذلك، نعود إلى القرآن الكريم فنجد الكثير والكثير من الآيات المباركة، التي تعلمنا أن الصراع مع قوى الشر، مع قوى الطاغوت، مع قوى الاستكبار، مع قوى النفاق- نفسها- والخيانة والعمالة أمرٌ حتميٌ لابد منه، وأمرٌ واقعيٌ وموجودٌ على مرِّ التاريخ، فلسنا في هذا الزمن أول من نواجه الأحداث، المشاكل، التحديات… وأول من نرى أنفسنا في موقع المسؤولية أن نصبر، أن نضحي، أن نعاني. لا.

على مرِّ التاريخ كان لابد من التضحية، كان لابد من الصمود، كان لابد من الثبات، كان لابد من اقتحام المخاطر ومواجهة التحديات، هذه هي الساحة البشرية التي انقسم فيها البشر منذ بداية وجودهم على كوكب الأرض، انقسموا فيها إلى معسكرين: معسكر الخير، ومعسكر الشر، منذ ابني آدم -عليه السلام- وهو -عليه السلام- أبو البشر، يعني: منذ وقتٍ مبكر في التاريخ بدأ هذا الصراع، وبدأ هذا الانقسام في الواقع البشري.

عندما يأتي البعض من البشر يتجهون في واقع حياتهم بإرادة صادقة وخيِّرة، ليعيشوا في هذه الحياة بناءً على المبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، ويعملوا على أن تكون حياتهم مبنيةً على أساس ذلك، فهناك في الواقع البشري من يرفض ذلك حتماً، هناك من يتحرك من واقع الشر بعدوانية كبيرة، يرتكب أبشع الجرائم، يتحرك بالتسلط، والاستئثار، والاستبداد، والظلم، والطغيان؛ ليستحوذ على الواقع البشري بكله، ولا يلتزم، ولا ينضبط للمبادئ والتعليمات التي جعلها الله -سبحانه وتعالى- لعباده لصالح حياتهم ولاستقامة معيشتهم.

فهذا الصراع موجودٌ على مرِّ التاريخ، والله -جلَّ شأنه- يقول في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[آل عمران: 146-148]، فالله -جلَّ شأنه- يخبرنا في هذه الآيات المباركة أنه في تاريخ الأنبياء، وعلى نحوٍ متكررٍ وواسعٍ وكبير، {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ} يعني: أنها حالة تكررت كثيراً وكثيراً على مرِّ تاريخ الأنبياء وفي سيرتهم، والأنبياء هم خير البشر، وهم صفوة البشر، وهم الذين لو كان بالإمكان تفادي الصراع وتفادي المشاكل، وأن يتحقق للناس الاتجاه بشكل صحيح في مسيرة حياتهم، أو لأي مجتمعٍ ما أن يتحرك بشكل إيجابي في مسيرة حياته، على أساس التعليمات الإلهية، ودون أن يواجه الصعوبات، والتحديات، والأخطار، والمشاكل، والصراعات… لكان ذلك ممكناً لهم، لكانوا بالأولى أن يتحقق لهم ذلك، لكن يأتي نبيٌ بكل ما هو عليه من قيم وأخلاق ومبادئ عظيمة وخيِّرة تصلح واقع هذه الحياة، فلا يلبث أن يواجه الكثير من التحديات والأخطار، وأن تتجه لمحاربته قوى الشر والطاغوت والإجرام، وتبذل كل جهدها في محاولة القضاء عليه، ومحاولة إزاحته وإزاحة برنامجه الذي فيه الخير للناس من واقع الحياة، وتسعى إلى أن تواجه كل من يلتف حول هذا النبي أو ذاك من أنبياء الله، وتحاربهم بكل ما تستطيع من قوة، وبكل ما أوتيت من قوة، وبكل الوسائل والأساليب، والصراعات- على مرِّ التاريخ- كانت ساخنة جدًّا ساخنة جدًّا.

المعاناة والآلام من منظار قرآني

فنحن عندما نأتي في هذا الزمن ونرى أننا بمجرد إصرارنا على أن نكون أحراراً في هذه الحياة، وأن لا يستعبدنا أحدٌ من دون الله -سبحانه وتعالى- ونريد أن نتحرك انطلاقاً من هويتنا كشعبٍ يمنيٍ مسلم، وهي هوية إيمانية (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)، ونتحرك بناءً على المبادئ الإلهية التي علمنا الله -سبحانه وتعالى- كمسلمين أن نكون عليها في مسيرة حياتنا وفي مواقفنا، سواءً فيما يتعلق بواقع أمتنا من حولنا، أو على مستوى أعم وأشمل في حركتنا في هذه الحياة، ونجد أن قوى الطاغوت من جانب، قوى الاستكبار- من جانب- تتحرك، وتحرِّك علينا قوى الخيانة والعمالة من أبناء أمتنا، من: المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، والفاسدين، الذين اختاروا أن تكون مسيرتهم في هذه الحياة قائمةً على الولاء لأمريكا وإسرائيل، وأن يتحركوا لتنفيذ أجندة قوى الطاغوت والاستكبار، نجد أن هذا الصراع وهذه الأحداث التي نعاني منها إنما هي امتدادٌ لما كان عبر الزمن في واقع المؤمنين فيما يعانونه، في واقع أتباع الأنبياء وفيما يعانونه، ومن جانب قوى الشر التي تتحرك في كل عصر وفي كل زمن بنفس التوجه، بنفس الدوافع الشريرة والمستكبرة والظالمة والعدوانية والإجرامية، وبنفس الممارسات وبنفس السلوك، الحالة ليست جديدة، نحن في هذا الزمن نعيش هذا الاختبار الذي عاشه من قبلنا من الأمم، من الأجيال، في هذه الساحة، على هذه الأرض، فنحن اليوم معنيون أن نعزز موقفنا- دائماً- بما يساعد على ثباتنا، من خلال الاستناد على مبادئنا الإيمانية، على توجيهات الله -سبحانه وتعالى- وما يقدمه في كتابه الكريم.

لربما من أسوء ما يؤثر على الإنسان سلباً في نظرته تجاه الأحداث، وتجاه الصراعات، وتجاه المشاكل والتحديات، في نظرته إليها، وفي موقفه منها، عندما ينظر إليها نظرةً منفصلة وبعيدة عن هذه الاعتبارات، وعن هذه الحيثيات، وعن هذه المسائل المهمة والاعتبارات المهمة؛ فيرى فيها مجرد أحداث طارئة في الساحة البشرية، ومجرد مشاكل لا يعرف ولا يفهم ما هي جذورها الحقيقية، وما هي أسبابها الحقيقية، وما هي آثارها على مستوى هذه الحياة، وما بعد هذه الحياة في مستقبل الآخرة، ذلك المستقبل المهم والأبدي والكبير.

الله -سبحانه وتعالى- يعلمنا كمسلمين أن ننظر نظرةً صحيحة، نظرةً قرآنية، نظرةً كما علمنا الله -سبحانه وتعالى- ننظر إلى هذا الواقع من جانب، وكذلك نتخذ الموقف بناءً على هذه النظرة الصحيحة السليمة، على هذه الرؤية الواقعية والحقيقية، الأحداث في حياتنا، والصراع في واقعنا له أثر واضح في الحياة، هذه مسألة لا جدال فيها، ولا شك فيها، معاناة كبيرة، أضرار كبيرة، وأشكال هذه المعاناة معروفة في واقع الحياة، عندما يحصل مثلاً حرب أو يحتدم الصراع تظهر الكثير والكثير من أشكال المعاناة: القتل، الدمار، الأزمات الاقتصادية، المجاعات، الفقر، المعاناة… كل أشكال المعاناة تظهر في واقع الحياة، وتكبر هنا أو هناك بحسب حجم الأحداث، ومستوى تأثيرها، وطبيعة الموقف منها، وهذا ما نعانيه نحن كشعبٍ يمنيٍ مسلم، ما تعانيه معظم شعوب المنطقة بشكل أو بآخر، بمستوى متفاوت من بلدٍ إلى آخر، والزمن هو آتٍ بالكثير والكثير في واقع الناس، بما لم يكن يتوقعه الكثير من الناس، بالذات من يسيرون في واقع هذه الحياة بعيداً عن فهم طبيعة هذه الحياة، وعن النظرة إليها من واقع الهداية الإلهية والتقييم الإلهي للواقع البشري، حسب ما ورد في القرآن الكريم، وفي تعليمات الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-.

الأحداث تميز الخبيث من الطيب

بمثل ما للأحداث من تأثير واضح في واقع الحياة: قتل، دمار، خراب، معاناة، أسر، تمزيق للشمل… أشياء كثيرة، أشكال كثيرة من المعاناة لها اعتبارات مهمة جدًّا، لها علاقة أساسية وعلاقة رئيسية في التعبير عن حقائق ما الناس عليه، هي أجلى تعبير عن حقيقة الانتماء لأي طرف من أطراف الصراع في هذه الحياة، ولها أيضاً تأثيرها الكبير في الآخرة، الأحداث ليست نهايتها في الدنيا أبداً.

ولذلك يركز القرآن الكريم على أن الأحداث بنفسها، وعلى أن الصراع بنفسه يمثل اختباراً حقيقياً يكشف واقع الناس، يبين الناس على حقيقتهم، يكشفهم على حقيقتهم، يوضح كل إنسان بدءاً في خياره وموقفه من الأحداث، ثم في ممارساته وسلوكياته واتجاهاته وتعاطيه مع الأحداث، يبين حقيقة ما هو عليه، ولهذا كانت إرادة الله -سبحانه وتعالى- وكان قراره الحكيم أن يجعل -جلَّ شأنه- من الصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار والإجرام والخيانة والعمالة، أن يجعل منه أهم ما يجلي حقيقة الإنسان ويكشف مصداقيته من عدمها.

عندما نأتي إلى القرآن الكريم والله يقول فيه -جلَّ شأنه-: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ[آل عمران: من الآية179]، هذه الآية المباركة نصٌ مهمٌ جدًّا، ولو استوعبه كل مسلم بما يكفي لكان لهذا أهمية كبيرة جدًّا في تحديد الخيارات واتخاذ القرارات الصحيحة، الله -سبحانه وتعالى- قرر، اتخذ قراراً أن لا يترك المنتمين للإيمان، المجتمع المسلم بشكلٍ عام؛ لأن كل المجتمع المسلم هو ينتمي للإيمان على ما هو عليه، في الظروف العادية التي يأتي الكل فيها ليقدم نفسه وكأنه إنسان مؤمن صادق صالح، صادق في انتمائه الإيماني، إلى ما يعنيه هذا الانتماء من: انتماء لمبادئ، انتماء لقيم، انتماء لأخلاق، انتماء لمواقف واتجاهات، ولكن الكثير من الناس قد يأتي يدَّعي ادِّعاءً، ويعبر تعبيراً كلامياً فحسب عن هذا الانتماء، وفي الواقع هناك خبث في النفوس، هناك خلل.

الله -سبحانه وتعالى- هو الغني عن عباده، لا يقبل الغش، ولا يمكن خداعه، لا يمكن التظاهر بالإيمان، والتظاهر بالانتماء لهذا الإيمان بما يعنيه الانتماء إلى مبادئ- كما قلنا- إلى قيم، إلى أخلاق، إلى إلى… ثم يكون الإنسان قد قدم ما يكفي وإن كان غير صادق. |لا|، لابد من كشف الحقيقة، لابد من التجلي للحقائق، وبماذا تتجلى الحقائق؟ كثير من الأمور في الإسلام، مثل بعض الطقوس، وبالذات إذا تعود الناس عليها أو ألفوها، يمكن أن يؤدوها، ولا تمثل هي- بنفسها- حقيقة الاختبار الذي يكشف حقيقة الإنسان، أكبر ما يمكن أن يكشف حقيقة الإنسان وأن يبينه هو ميدان الصراع، ما مدى مصداقية هذا الإنسان في ادعائه الانتماء لهذا الدين، لمبادئ هذا الدين، لقيم هذا الدين، لتعليمات الله -سبحانه وتعالى- هل سيكون صادقاً، أم سيكون كاذباً، هل هو ينطلق من واقعٍ طيب، تربى تربية هذا الدين؛ فبلغ هذا الأثر إلى أعماق نفسه زكاءً وصلاحاً وصدقاً، أم أن هناك في العمق خبثٌ مخفيٌ ومستترٌ، يحاول الإنسان أن يتستر عليه ببعضٍ من الأعمال، وبعضٍ من الأداء الشكلي الذي يتظاهر الإنسان من خلاله بالصلاح أو بالطيبة.

فالله -جلَّ شأنه- اتخذ قراره بأنه لن يذر، يعني: لن يترك الأمور بدون تجليات، [لعل هنا نقص] المجتمع المسلم لينطوي الكثير من الناس على حالةٍ من الخبث ويغطونها ويخادعون بها، لابد أن يأتي بما يجلي الواقع، بما يكشف الناس على حقيقتهم، بما يبينهم ويبين ما هناك في الأعماق (في النفوس).

{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ[آل عمران: من الآية 179]، فيخبركم مثلاً عن فلان وفلان، وفلان وفلان، ذلك الشخص سيكون خائناً، وذلك الشخص هو خبيث، لن يكون وفياً، سترون كم أنه مجرم، وطاغية، ومتسلط، وفاسد، وخائن، وعميل… إلخ. |لا|، لكن تأتي الأحداث؛ فتكون هي التي تكشف، يأتي الصراع، وما في هذا الصراع من أحداث؛ فيكون هو الذي يوضح ويبين، ويفرز الناس على حقيقتهم بين الصادق والكاذب، بين الوفي والخائن، يفرز في الواقع.

درس في الثبات والقوة

فلهذا يقول الله -سبحانه وتعالى- في آيةٍ قرآنيةٍ أخرى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[آل عمران: الآية139]، وهو يقدم الدرس من أحداث معركة أحد، لا تصابوا بالوهن نتيجةً للتضحيات والمعاناة وما نتج عن الأحداث،يجب أن تكونوا في موقف القوة والصلابة التي لا تنكسر، ولا يصيبها الوهن، ولا تكونوا أسرى الأحزان؛ فتندموا على أنكم في موقف الثبات على الحق، ولو أدَّى بكم ذلك إلى التضحية، أو أن تكسر إرادتكم الأحزان تلك؛ فتتحطموا، يجب أن تكونوا في موقفكم وأنتم في موقف الحق، وأنتم تمتلكون القضية العادلة، أن تكونوا في موقف التماسك، أن تكونوا في حالةٍ من الصلابة والثبات، {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}؛ لأنكم في موقف الحق، ومع الله، والله معكم، كلما عززتم ارتباطكم بالله، وكلما أصلحتم واقعكم بناءً على طاعتكم لله -سبحانه وتعالى-؛ كلما كنتم أقرب من معونة الله، ومن نصره وتأييده، {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ}، الجراحة والشهادة والمعاناة، {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} ما يصيبكم من الحرب، من الأحداث،{فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} حصل لهم أيضاً نصيبهم من ذلك كله، فيهم القتلى، فيهم الجرحى، قتل منهم قيادات، قتل منهم أفراد، قتل منهم من يعز عليهم، أصيبوا بالجراح، نالهم من ذلك حصتهم.

{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ[آل عمران: الآيات140-142]، في هذه الآيات المباركة يوضح الله -سبحانه وتعالى- لنا أنَّ من أهم الدروس المستفادة من الأحداث في ميدان الصراع مع قوى الطاغوت والشر والاستكبار، من أهم ما فيها أن تتبين حقائق الناس، وفيها التحميص للذين آمنوا: ما يساعد على تنقيتهم من الشوائب على المستوى التربوي والنفسي، وعلى المستوى العملي، وفيها أيضاً الخذلان أكثر وأكثر للمنصرفين عن نهج الله وعن هديه، وأنه أيضاًمثلما هذه الأحداث لها أهميتها وآثارها في واقع الحياة، ولها أهميتها في تعبيرها عن حقيقة الناس، وحقيقة ما هم عليه، وحقيقة انتماءاتهم ومواقفهم، لها أيضاً امتدادها إلى ما وراء هذه الحياة، إلى مستقبل الآخرة، لا تنتهي الأحداث هنا في هذه الدنيا بنتائجها هنا فحسب، بل هي هناك موجودة في ساحة القيامة،

الجهاد وتحمل المسؤولية.. المحك الأساس

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، ولربما الكثير من الناس في حساباتهم ذلك: يحسبون- فعلاً- أنه يمكن أن يدخلوا إلى الجنة، دون أن يكونوا في هذه الدنيا وقفوا هذا الموقف: الموقف الذي تفرضه عليهم المسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى- الموقف الذي رسمه الله -سبحانه وتعالى- موقف التحمل للمسؤولية، التحرك في إطار المسؤولية للتصدي لقوى الطاغوت والإجرام، والثبات على الحق.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ}، لربما الكثير من المنتمين لهذا الدين يحسبون- بالفعل- أنهم سيدخلون الجنة من دون جهاد، ولا تحمل مسؤولية، ولا صبر، وأن يقفوا موقف الحق، بل البعض يؤمِّل أنه سيدخل الجنة ولو اتخذ موقف الباطل، ولو كان في صف الباطل، وللأسف الشديد نتيجة لأشياء كثيرة جدًّا: قوى ضالة في الساحة الإسلامية (كما هو حال التكفيريين)، وسعي دؤوب من قوى أخرى لفصل الناس في مواقفهم عن مبادئهم وأخلاقهم، يعني: الانفصال بالموقف عن المبدأ، وعن الأخلاق، وعن القيم الدينية والإيمانية؛ سهَّل للكثير من الناس أن ينطلق باعتبارات أخرى ودوافع أخرى، ويظن المسألة سهلة وعادية وبسيطة، ويظن أنه يمكن أن يدخل الجنة إذا كان سيصلي ويصوم، ولو وقف في صف أمريكا، أو عملاء أمريكا، أو عملاء إسرائيل، ولو كان مع الظالمين الطغاة، والمفسدين في الأرض، والمستكبرين، والظالمين، ولو وقف في صف البغاة، يتصور أنه بالإمكان أن يدخل الجنة، هذه نظرة فظيعة جدًّا وخطيرة، خطيرة، والأعداء ركزوا على أن يرسخوا في الذاكرة العامة التأثير على الناس سلباً في مواقفهم؛ لأنهم يريدون من الناس مواقفهم.

القرآن الكريم يعلمنا أن الأحداث تمثل اختباراً كبيراً، وأنها ميدان لتجلي الحقائق، وأنها الميدان الذي تعبر فيه عن حقيقة ما أنت عليه: إما أن تكون إنساناً صادقاً، وفياً، ثابتاً؛ فتتخذ الموقف الذي رسمه الله لك، وتفرضه عليك المسؤولية، ويعبر عن حقيقة انتمائك لهذا الدين في مبادئه وقيمه وأخلاقه ومواقفه، وإما أن تتخذ الموقف الآخر، وهنا يعتبر اتخاذك لهذا الخيار خروجاً وانحرافاً عن تلك المبادئ الإيمانية، عن تلك التعليمات الإلهية؛ وبالتالي ستدفع ثمن هذا الخيار وهذا القرار السلبي والسيء في الدنيا وفي الآخرة.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، فالموقف الحق في الإسلام، والتحمل للمسؤولية بأن تنطلق في ميدان الصراع، في إطار موقف الحق، متحركاً بهذا الواجب، قائماً بهذا الدور، مجاهداً تبذل جهدك، وتتحرك في ميدان الصراع تتصدى لقوى الطاغوت والاستكبار، وبصبر، هذا جزءٌ أساسيٌ من الدين، وجزءٌ أساسيٌ في أن يقبل الله منك دينك، وأن يعتبرك صادقاً، هو جزءٌ أساسيٌ من الدين، وهو محكٌ أساسيٌ يجلي حقيقة الانتماء الصادق والادعاء الذي يدعيه الإنسان، فالمسألة مهمة جدًّا.

بين خيار الأحرار وخيار الخيانة والعار

لاحظوا، في ظل هذا العدوان الظالم، هذا العدوان البربري الغاشم الآثم، هذا العدوان الذي لم يترك شيئاً من المحرمات إلا وارتكبها بحق شعبنا العزيز المسلم، هناك خيارات متفاوتة ومتباينة، مثلاً: الأحرار والشرفاء والأخيار من أبناء هذا البلد كان خيارهم وقرارهم التصدي لهذا العدوان، هذا هو الموقف الحق، المنسجم مع القرآن الكريم، والمعبر عن مصداقية الإنسان، عن زكاء نفسه، عن سلامته النفسية والأخلاقية والفكرية والثقافية، أنه ليس أنساناً أعوج، متنكراً للحق، مبطلاً، وأنه اتجه الموقف الذي تدل عليه الفطرة الإنسانية الإلهية التي فطر الله الناس عليها، والموقف الذي يوجه إليه القرآن الكريم.

البعض كان خيارهم وقرارهم هو الخيانة، أن يتجهوا في صف الأعداء الغزاة، الذين أتوا- في عدوانهم هذا- غزاةً لنا إلى بلدنا، ومعتدين علينا- كشعبٍ يمنيٍ مسلم- ابتداءً بدون وجه حق، وتحت إشرافٍ أمريكي، وبتنسيق مع إسرائيل، وبتحالف وتعاون مع إسرائيل له أشكال متعددة، وضمن مسيرة هذا العدوان- منذ بدايته وإلى اليوم- كم هناك من أحداث كان فيها على مستوى التنفيذ اشتراك ودور لإسرائيل معهم، قرار وخيار الخيانة قرار خاطئ وخطير جدًّا، وقرار يمثل انحرافاً واعوجاجاً عن مبادئ الدين، عن مبادئ الإسلام، عن قيم الإسلام، عن أخلاق الإسلام، وحتى عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

الذين خانوا شعبهم في هذا العدوان، وانضموا إلى صف المعتدي الأجنبي، وقفوا مع الظالم ضد المظلوم، وقفوا مع المعتدي ضد المعتدى عليه، وقفوا مع المنافق الموالي لأمريكا وإسرائيل ضد هذا الشعب، الذي ورد في الحديث عن رسول الله عنه: (الإيمان يمان)، وقفوا مع الباطل ضد الحق، وقفوا في الموقف الذي يسخط الله، الموقف الذي لا ينسجم- بأي حالٍ من الأحوال- مع الحق أبداً، موقف مبطل، ظالم، باطل، موقف لا يتسم حتى بالإنسانية، فيما هو متعارفٌ عليه في الواقع البشري، فخيارهم وقرارهم يمثل انحرافاً عن الحق، عن المبادئ، عن القيم، هو خيانة، هو خزي، هو عار، هو دناءة، هو انحطاط، هو سفالة، هو نذالة، هو خسة، هو تنكر للقيم، للأخلاق الإنسانية والدينية، وفي نفس الوقت هو يسخط الله -سبحانه وتعالى- وله تبعاته في الآخرة.

كم استشهد في هذا العدوان من المظلومين: سواءً في ميدان القتال من الشهداء الأبطال الذين تحركوا دفاعاً عن هذا الشعب المسلم، أو في المناطق نفسها من الذين استشهدوا نتيجة غارات الطيران، نتيجة القصف المعادي… إلخ. هؤلاء مظلوميتهم ستكون لعنة إلهية على كل الذين وقفوا في صف هذا العدوان وأيدوه ولو بكلمة، وأيدوه ولو بكلمة، يصبح كل من وقفوا في صف هذا العدوان وأيدوه يصبحون بأجمعهم يوم القيامة شركاء في هذا الجرم الكبير والفظيع والشنيع، ثم هم في هذه الدنيا لم يسلموا ولم يرتاحوا، كلفة هذا الخيار كبيرة جدًّا، على المستوى الميداني: قتل منهم الكثير والكثير، الآلاف منهم قتلوا، والآلاف منهم جرحوا، وأعداد كبيرة منهم أسروا، ونالتهم- في خياراتهم هذه، واتجاهاتهم هذه، وتحركهم في إطار خيارهم الخياني- الكثير والكثير من المعاناة، ولكن أخطر منها ما هو في الآخرة (عذاب الله الدائم والأبدي)، ولو منَّاهم الآخرون وغروهم وسولوا لهم ما هم فيه من خيار خاطئ ومنحرف وباطل، لن ينفعهم ذلك أبداً.

الحياد.. استسلام وانحراف عن المبدأ الإلهي

الذين اتخذوا أيضاً خيار الاستسلام هم- أيضاً- اتخذوا الخيار الخاطئ في تنصلهم عن المسؤولية التي أمر الله بها، وحمَّل الله الجميع إياها، اتجاههم ذلك، وخيارهم ذلك، وقرارهم ذلك هو يمثل من جانب خدمة للعدو؛ لأن العدو يريد من الناس: إما أن يقفوا في صفه، أو أن يستسلموا له، العدو يريد من الناس هذا: إما أن يقفوا في صفه جنوداً له، عبيداً له في خدمته، أو مستسلمين له، الذين اتخذوا خيار الاستسلام اتخذوا خياراً خاطئاً، منحرفاً، وأعوج، لا يتطابق- بأي حالٍ من الأحوال- مع التعليمات الإلهية، ولا مع المبادئ الإلهية، ولا مع الأخلاق الإسلامية أبداً، الله يقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ[المنافقون: من الآية8]، البعض من هؤلاء يسمون أنفسهم بالحياديين أو المحايدين، ليسوا محايدين، التوصيف الصحيح الذي يعبر عن حقيقة موقفهم هو أنهم مستسلمون، ويصفون بالمستسلمين للعدو؛ لأنهم اتخذوا قراراً أن لا يقفوا ضد هذا العدوان، وأن لا يتصدوا لهذا العدو الغازي والمعتدي والمجرم والآثم، يعني: مستسلمين، ومتنصلين عن المسؤولية، القرآن الكريم لم يقبل بهذا أبداً، لم يقبل بهذا أبداً، ولهذا عندما يقول الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، لابد من الموقف، لابد من تحمل المسؤولية، لابد من التضحية، لابد من الصبر:الصبر في إطار العمل، في إطار النهوض بالمسؤولية، في إطار التحمل للمسؤولية. والذين يسمون أنفسهم بالمحايدين، واتجهوا اتجاه الاستسلام، والذلة، والخنوع، والتنصل عن المسؤولية، أيضاً موقفهم يكشف حقيقة ما هم عليه، إنهم يعصون الله، إنهم يتنكرون لتلك التوجيهات الله التي ملأت صفحات القرآن الكريم، إنهم لم يصغوا لقوله تعالى: {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ[التوبة: من الآية41]، إنهم لم يلتفتوا إلى سور في القرآن الكريم بأكملها تربينا كأمةٍ مسلمة على النهوض بالمسؤولية، على التحمل للمسؤولية، على التحرك الجاد في مواجهة التحديات والأخطار، تنكروا لكل ذلك، وبرروا لأنفسهم، وهذه النوعية موجودة في المجتمع المسلم عبر التاريخ بكله، وحتى في زمن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في الساحة الإسلامية- آنذاك- كانت توجد أمثال هذه النوعية، وكان القرآن الكريم يهاجمها بأشد العبارات، ويكشف سوء موقفها، وخطأ خيارها، وغبائها في توجهها، لدرجة أن القرآن يصفهم بالمطبوع على قلوبهم، يعني: ناس وصلوا إلى مستوى عجيب من التبلد وعدم الإحساس، لم يعودوا في الوضع الطبيعي للإنسان كإنسان يحس بالواقع من حوله، يتفاعل مع ما يجري من حوله، مظالم كبيرة، مآسٍ كبيرة تحرك مشاعره الإنسانية، ومخاطر كبيرة وتحديات كبيرة تدفعه إلى أن يتحرك حتى بالدافع الفطري، {قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ[آل عمران: من الآية167]، (أَوِ ادْفَعُواْ) هناك خطر حقيقي عليكم، على بلدكم، على شعبكم، إما بالدافع الإيماني واستشعار المسؤولية أمام الله، وإما بالدافع الوطني، الذين اتخذوا خيار الاستسلام هم اتخذوا خياراً خاطئاً، الله توعد عليه في القرآن الكريم بجهنم وبالعذاب: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[التوبة: الآية39]، {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ[التوبة: الآية81]، فالله يخبر -جلَّ شأنه- أن عقابه لمن يتخذون هذا القرار وهذا الخيار، الذي هو لصالح العدو بلا شك، ليس حياداً، إنه قرارٌ لصالح العدو؛ لأن مما يريده العدو هو هذا: إما أن تكون في صفه، وإما أن تستسلم له، عندما تتخذ خيار الاستسلام أنت وافقت للعدو، وأعطيته شيئاً أراده، ويريده منك، ويطلبه منك، ويسعى له منك، هذا بعيد عن التربية الإيمانية التي تربي على العزة والكرامة، والتي تربي على نحوٍ عظيم، تربي على استشعار المسؤولية، وليس على التنصل عن المسؤولية والتهرب منها. |لا|، أنت تنتمي لهذا الإسلام، أنظر ما في قرآنه، واقتد برسوله، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [الأحزاب: الآية21]، تأمل ما ذكره القرآن الكريم عن رسول الله في سورة التوبة، وفي سورة الإنفال، وفي سورة النساء، وفي سورة آل عمران… وفي كثيرٍ من السور القرآنية، اقرأ سورة محمد لتعرف روحية محمد، نفسية محمد، خيارات محمد، قرارات محمد، مواقف محمد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- هذا هو السبيل الصحيح.

وطبعاً هناك نشاط استقطابي واسع، وهناك تحرك كبير في الساحة في كل الخيارات وفي كل المسارات، قوى العدوان منذ بداية هذا العدوان وهي تسعى للتأثير على ضعاف النفوس وضعاف الإيمان لاستقطابهم نحو الخيانة، ونحو العمالة، ونحو التنكر لشعبهم ولإيمانهم ولقيمهم ولأخلاقهم، وحتى لقيم القبيلة اليمنية الفطرية التي تتشرف بها عبر التاريخ.

للأسف الشديد أصحاب خيار الاستسلام باتوا يروِّجون لهذا الخيار، وباتوا دعاةً لهذا الخيار السلبي والسيء، لم يكفهم أن تقلدوا هذا العار: عار التنصل عن المسؤولية، {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ[التوبة: من الآية87]، لم يكفهم هذا العار، ولم يكتفوا بهذه الخطوة السيئة التي فيها تخاذل، والتي لا تنسجم لا مع القيم، ولا مع مكارم الأخلاق، ولا مع المبادئ الإسلامية، ولا مع التوجيهات الإلهية، والبعض منهم يثبط ويخذل تحت عناوين من هنا أو هناك وأساليب متعددة.

ويقف الشرفاء، والأخيار، والصالحون، والصادقون، والأوفياء، والناس الحقيقيون الذين لا يزالون يحتفظون بفطرتهم الإنسانية في الحد الأدنى، يقفون في الخيار المشرف: التصدي لهذا العدوان، الثبات، الصمود، الصلابة في الموقف، الاستعداد العالي للتضحية، الإباء لأن يتمكن العدو، أو أن نمكِّنه من السيطرة علينا والاستعباد لنا.

أبناء شعبنا والخيار الصحيح

هذا الخيار فيه الكثير والكثير من أبناء هذا الشعب، فيه الكثير الطيب من العلماء (علماء الدين)، ويقف معظمهم في هذا الخيار وفي هذا الاتجاه، ولهم الكثير من اللقاءات، والمواقف، والنشاط الفعلي في الساحة، وهناك تضحيات بفلذات أكبادهم، هناك شهداء من البيوتات العلمائية البارزة في هذا البلد، شهداء في الميدان، وهناك نشاط مستمر في الساحة في كل الاتجاهات: دعوة، عظة، تذكير، تحريض، تحفيز، تبيين… وأنشطة عملية، أنشطة خيرية، أنشطة متنوعة ومتعددة لهؤلاء في الساحة.

هناك من وجاهات هذا البلد، من شرفائه، من أحراره، من مشائخ القبائل من يقفون- أيضاً– في طليعة الموقف، منهم الشهداء، ومنهم الذين يتحركون ليلاً ونهاراً في الساحة: يحرِّكون الناس، يتحركون في التحشيد، يدفعون الناس للموقف، وقدموا الشهداء.

هناك من ضباط الجيش وقادته من لهم أشرف المواقف في الميدان، ومن باتت لهم في التاريخ وفي ذاكرة التاريخ مواقف ستسجل وستدرسها الأجيال القادمة.

هناك من أبناء هذا الشعب، من كل المناطق، من كل القبائل، من كل المحافظات من يتحركون، ومن قدموا الشهداء، واليوم عندما نأتي إلى هذا الخيار ونرى كم قدم أصحاب هذا الخيار، وهم الذين يتجهون اتجاهاً صادقاً، واتجاهاً منسجماً مع هوية هذا الشعب في انتمائه الإيماني، نجد أنهم قدموا أعزاءهم وأخيارهم شهداء في هذا الطريق بكل قناعة، ولم يهنوا، ولم يتراجعوا، ولم يخضعوا، ولم يخنعوا، وهم مستمرون في نشاطهم وعملهم ومسعاهم الدؤوب في التماسك، والصمود، والثبات، والتصدي لهذا العدوان.

شهداؤنا الأبرار، وفي طليعتهم الشهيد الرئيس/ صالح الصماد، وسائر الشهداء الذين قضوا نحبهم منذ بداية العدوان وإلى اليوم، هم يعبرون عن تنوع المناطق والقبائل والمكونات، فيقدمون الشهادة على حقيقة هذا التوجه الذي هو الخيار الرئيسي في هذا البلد لكل أحراره، ولكل رجاله، ولكل شرفائه.

أساليب العدو في السعي لكسر إرادتنا

الآخرون الذين لهم اتجاهات أخرى يحاولون أن يؤثروا وأن يضعفوا من تفاعل الناس والمجتمع مع هذا الخيار الصحيح، العدو يبذل أقصى جهد؛ لأنه يشعر بحالة إحباط كبيرة، وكان يؤمِّل أن يتمكن من احتلال هذا البلد في فترة زمنية وجيزة (ما بين الأسبوعين، إلى الشهرين)، وها هي أربع سنوات تكاد أن تنقضي وهو لا يزال يفشل، وهو لا يزال يصاب بالإحباط، وهو يرى في كل مرحلة من المراحل وهناك مواقف عظيمة وتاريخية، يسجلها أبناء هذا البلد في الجبهات بتضحياتهم ومواقفهم واستبسالهم ، وهو لا يزال في مسار التنامي والتطوير للقدرات العسكرية، ويرى كيف أن المسار على مستوى القدرات الصاروخية، طائرة بلا طيار، وكذلك في البحرية… في كل المسارات يرى هناك إنجازات، ومن واقع المعاناة، ولكنه يرى إنجازات فعلية، ويرى أن التوجه في هذا البلد هو- دائماً- الإصرار على الصمود والاستبسال والثبات، وتطوير القدرات، وتعزيز كل ما يساعد على هذا الصمود على كل المستويات، يشتغل العدو لإضعاف هذا التوجه بوسائل وأساليب كثيرة، لعبة لعبته على المستوى الاقتصادي إلى أقصى ما يستطيع (أقصى حد)، وعمل على أن يلحق المجاعة بهذا الشعب، ولكنه رأى أنه لم يتمكن- من خلال ذلك- من كسر إرادة هذا الشعب.

هناك شغل، وليس جديداً، ولكن العدو بات يركز عليه بشكلٍ كبير، وهو السعي لكسر الإرادة في الصمود والثبات وبأساليب أخرى: أساليب الحرب الناعمة التي تتجه إلى الحالة النفسية وإلى الحالة الفكرية والثقافية، ويشتغل بوسائل كثيرة جدًّا، ولا يترك أسلوباً من الأساليب إلا ويسعى لاستخدامه؛ لإضعاف الناس عن تفاعلهم وعن استمراريتهم في التصدي لهذا العدوان.

فالحرب على المستوى الإعلامي والثقافي والفكري حرب نشطة جدًّا: سواءً على مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال القنوات الفضائية، أو من خلال من يتحركون بشكل مباشر في الساحة، كل أبواق الضلال، كل أبواق العدوان التي تنفخ فيها شياطين الإنس وشياطين الجن؛ في مسعى للتأثير والتشكيك والتلبيس على الناس في خيارهم للتصدي للعدوان، في سعي لإثارة الشكوك تجاه أشياء كثيرة جدًّا، بما فيها صوابية هذا الخيار، الذي هو من أوضح الواضحات، وأبين البينات، الشغل في هذا الاتجاه واسع، بأشكال كثيرة، بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، وبشكل يؤثر من هنا، أو يؤثر من هناك، المهم هو كيف يؤثرون على الإنسان فيبعدونه عن الميدان، هذا ما يسعون له، على مستوى الإفساد النفسي والأخلاقي، يركزون على هذا الجانب، على مستوى إثارة المشاكل والنزاعات والخلافات تحت كل العناوين، على مستوى الإلهاء للناس والإشغال لهم ذهنياً ونفسياً وعملياً بقضايا هامشية هنا أو هناك، كل وسيلة من الوسائل التي يرون فيها أنها يمكن أن تسهم- بمستوى أو بآخر- بإشغال الناس عن الموقف الذي يفترض أن يكون هو الموقف الرئيسي، والذي ينبغي أن يمثل الأولوية للجميع في الاهتمام به، في التركيز عليه، وفي العناية به، وفي ألَّا يقبل الناس أن يشغلهم عنه شاغل هامشي، أو أن يفتعل لهم الأعداء هنا أو هناك ما يسعون من خلاله إلى إبعادهم عنه.

إذاً.. ما الذي يجب علينا في هذا الظرف؟

يجب- في ظرفٍ كهذا- أن نتحلى بالمزيد من الوعي، إنَّ الله قد أعان على الكثير، وإننا بحاجة- في هذه المرحلة بالذات- إلى أن نسعى إلى المواصلة والاستمرار في التصدي لهذا العدوان، والعدو قد تعب بأكثر مما يمكن أن يكون الناس قد تعبوا، وقد كلفه هذا العدوان الكثير والكثير والكثير، وفضحته هذه الأحداث، اليوم سمعة النظام السعودي في العالم هي أسوء سمعة، ولربما من يتابع ويتحقق ويتبين يدرك أنه ليس هناك في الدنيا بكلها سلطة أو طرف أو جهة أسوء سمعة في الدنيا بكلها من السلطة السعودية والتكفيريين، فُضِحوا في العالم بأسره، وباتوا يتعبون جدًّا جدًّا وهم في محاولة للتغطية أو للتخفيف من الحالة التي قد وصلوها، في حالة الفضيحة والخزي والسمعة السيئة، والانكشاف لحقيقة ما هم عليه من إجرام ووحشية وسوء وظلم وطغيان وعدوانية، باتت هذه سمات عرفوا بها في كل الدنيا، باتوا معروفين بالوحشية، وباتوا معروفين بالكراهية، بالعدوانية، بالإجرام، باتت أبرز جرائمهم في هذا العدوان معروفة في كل العالم، وباتت وصمة عارٍ تقلدوها مخزيةً لهم، ولذلك هم يحاولون- في المقابل- أن يشوهوا أحرار هذا البلد وشرفاءه الذين يتصدون لعدوانهم، وأن يشغلوا الناس بافتعال قضايا هنا أو هناك… أشياء كثيرة يحاولون فيها التهرب مما وصلوا إليه، كلفهم عدوانهم على مستوى سمعتهم ما لم يكونوا يتوقعونه، ولا يتخيلون أن يصلوا إليه أبداً، كلفهم على المستوى الاقتصادي، على المستوى العسكري بنفسه.

معنيون اليوم، وبعد كل هذه التضحيات العظيمة من الشهداء الأبرار، أن نحرص على أن نزداد عزماً وثباتاً وصموداً حتى يتوقف هذا العدوان، نحن في موقف الحق، ونحن المعتدى علينا، ونحن الذين لم نكن من بدأ الحرب على الآخر، ولا من تصرف أي تصرف يبرر للأخر بحق أن يفعل ما فعله أبداً.

فإذاً، مظلوميتنا، وما نحن عليه من الحق في موقفنا، وتوجيهات الله لنا، وانتماؤنا للإسلام، للدين الإسلامي، للهوية الإيمانية، يفرض علينا أن نستمر في صمودنا مهما استمر هذا العدوان، وإذا توقف المعتدون علينا، نحن دائماً من نمتثل أمر الله: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ[الأنفال: من الآية61]، نحن حاضرون دائماً للسلام المشرف، نحن من أثبتنا هذا في الحوار في السويد- مؤخراً- وفي كل الجولات الماضية، ونحن الذين نؤكد أن موقفنا هو موقف الدفاع المشروع، المكفول بحق في شريعة السماء، وقوانين الأرض، وأعراف أهل الدنيا، الموقف الفطري الطبيعي المشروع بكل الاعتبارات والمقاييس، هذا هو موقفنا، ونحن نقول للآخرين: أنَّ الأولى لهم أن يكفوا عن عدوانهم.

اليوم بعد كل هذه التضحيات معنيون أن نواصل المشوار في التصدي لهذا العدوان، وهو يتجه إلى التصعيد في كثيرٍ من الجبهات، ومعنيون على المستوى الداخلي أن نكون أوفياء لهذه التضحيات في كل شيء، في: المبادئ، والقيم، والأخلاق، والاستقامة… إن شهداءنا ليسوا مجرد شهداء صراع، إنهم شهداء ينتمون إلى مبادئ، إلى قيم، إلى أخلاق، والجميع معني في هذا البلد أن يكون وفياً لتلك المبادئ، لتلك الأخلاق، لتلك القيم.

معنيون جميعاً أن نهتم بأسر الشهداء، أن نلتفت إليهم التفاتةً جادة، الاهتمام بهم على المستوى التربوي، على المستوى الإنساني، على مستوى التعليم، على مستوى الرعاية الاجتماعية والرعاية التربوية، وأسر الشهداء- أنفسهم- معنيون أن يجعلوا من شهدائهم أسوة في الثبات على الحق، في الاستقامة على طريق الحق، في الاستقامة على المستوى السلوكي والعملي والأخلاقي، في أن يكونوا لبنات في هذا المجتمع تزيد هذا المجتمع صلاحاً، وأن يكونوا كما كانوا في قوة موقفهم وتماسكهم قدوةً في أوساط هذا المجتمع في استقامتهم وصلاحهم، وأثرهم الطيب في الساحة من حولهم.

اليوم على مستوى المسؤولية في كل مواقع المسؤولية: الدولة، والمسؤولون، والوجاهات الاجتماعية، والعلماء، والشخصيات… الكل معنيٌ أن يواصل إسهامه بجدية، باستشعار للمسؤولية، بتوجه جاد، وبشكل كبير، حتى يكتب الله الفرج، والله خير الناصرين، إن الله -سبحانه وتعالى- لم يتخل عن شعبنا، لقد أعان عوناً عظيماً، وأيد تأييداً كبيراً، ولقد بات موقف شعبنا بعد اتضاح مظلوميته في كل أقطار العالم، في الساحة العالمية بشكلٍ عام وإنصافه، بات في الموقف الأعلى، من موقع المظلومية، ومن موقع الثبات.

معنيون اليوم بالاهتمام على مستوى كل المجالات: على مستوى التحرك التوعوي، على مستوى التحريض، على مستوى النشاط في الساحة، على مستوى العمل الخيري، على مستوى التكافل الاجتماعي، كما نحن معنيون على المستوى العسكري والمستوى الأمني أن نتجه هذا الاتجاه الصحيح، الذي يعزز الصمود والثبات والتماسك، ويعزز من حالة الروابط والتآخي والتعاون، هذا المطلوب منا، وهذا الذي تمليه علينا المسؤولية، يمليه علينا انتماؤنا وهويتنا الإيمانية.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يلحقنا بهم صالحين، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛

المصدر:شبكة البينات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى